بينما ما يزال الاقتصاد الأردني يعاني تحت وطأة التداعيات الاقتصادية التي خلفتها حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وسط العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة وجنوب لبنان والضفة الغربية منذ 9 أشهر، يؤكد خبراء أن على الحكومة مضاعفة جهودها تجاه تحفيز النشاط وتقليص الآثار السلبية الناجمة عن حالة الركود.
وقال عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال الأردنيين ميشيل نزال في حديث له مع “الغد” أن “استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى تضرر النشاط الاقتصادي المحلي بصورة جلية، لا سيما على قطاعات التجارة والسياحة والاستثمار”، وأضاف “صورة تضرر قطاع التجارة بهذا العدوان تتمثل بتأثر الصادرات والواردات، من خلال تعطل تدفق السلع والبضائع بين الأردن والدول المجاورة، إضافة إلى زيادة التكاليف اللوجستية من ارتفاع تكاليف النقل والشحن نتيجة للاضطرابات التي أفرزتها الحرب على غزة في المنطقة البحر الأحمر”.
وعن الضرر الذي لحق بالقطاع السياحي محليا جراء العدوان الغاشم، بين نزال لـ”الغد” أنه يتمثل بانخفاض أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى المملكة بنسبة عالية جدا بسبب القلق والخوف من التوترات في المنطقة، بالإضافة لتوقف العديد من رحلات الطيران الى الأردن، علاوة على انخفاض معدلات الحجز في الفنادق وتراجع الإيرادات بشكل عام في القطاع السياحي، وانخفض الدخل السياحي في الأردن، خلال أول خمسة أشهر من العام الحالي، بما نسبته 6.5 % قياسا مع الفترة المقابلة من العام الماضي، لتبلغ قيمته 1.9 مليار دينار، وفق بيانات البنك المركزي، وعزا البنك انخفاض الدخل السياحي في المملكة إلى تراجع أعداد السياح، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، بنسبة 10 %.
وأكد نزال، أنه كان لهذا العدوان أيضا انعكاسات سلبية على قطاع الاستثمار، وذلك بارتفاع منسوب القلق والتردد لدى المستثمرين، في ظل ما تعانيه المنطقة من عدم استقرار سياسي وأمني، ما يؤدي إلى تراجع تدفقات الاستثمار، إلى جانب انخفاض عدد المشاريع الاستثمارية الجديدة نتيجة لتردد المستثمرين وتفضيلهم بيئات استثمارية أكثر استقرارا، وتراجع إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في الأردن بنسبة 26 % العام الماضي، ليصل إلى 687 مليون دينار مقارنة مع 928 مليون دينار في العام الذي سبقه.
وأوضح نزال أن لتراجع الأنشطة التجارية والسياحية والاستثمارية مخاطر جمة على الاقتصاد الوطني، كتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، إضافة إلى زيادة معدلات البطالة، نتيجة لتراجع الاستثمارات والمشاريع الجديدة، فضلا عن انخفاض الإيرادات الحكومية وتراجع الإيرادات من الضرائب والرسوم نتيجة لانخفاض النشاط الاقتصادي، ويضاف إلى ذلك ارتفاع تكاليف السلع الأساسية وزيادة الأسعار نتيجة لارتفاع تكاليف النقل والشحن، مما أثر بالقوة الشرائية للمواطنين.
ولمواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن استمرار الحرب في غزة وتحفيز النشاط الاقتصادي المحلي، دعا نزال إلى ضرورة اتخاذ الحكومة عددا من الخطوات لدعم القطاعات المتضررة، ومنها تسهيل إجراءات الجمارك وتبسيطها وتسريعها لتشجيع تدفق البضائع وتقليل التكاليف اللوجستية، إلى جانب أهمية تنويع الشركاء التجاريين للأردن وتعزيز العلاقات التجارية مع دول أخرى لتقليل الاعتماد على الشركاء التقليديين المتأثرين بالتوترات الإقليمية، كما دعا إلى وجوب تحفيز قطاع السياحة من خلال إطلاق حملات ترويجية دولية موجهة لاستقطاب مجموعات مهتمة لإقامة مؤتمراتها أو لترفيه موظفيها لتسليط الضوء على الأمان والجاذبية السياحية للأردن، فضلا عن ضرورة إطلاق حملة ترويجية خاصة موجهة للأجانب في دول الخليج العربي، وتحسين البنية التحتية للقطاع السياحي وتوفير المزيد من الخدمات للسياح.
وأخيرا، دعا نزال إلى أهمية تشجيع الاستثمار وتقديم حوافز ضريبية ومالية عالية لجذب الاستثمارات المحلية الأجنبية، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية لتشجيع إقامة المشاريع الجديدة، إلى جانب ضرورة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديم التمويل الميسر لها، وتسريع وتيرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.