سيف الدين صوالحه- استشرف جلالة الملك عبدالله الثاني، في كلمته أمام قادة الأمة بقمة جدة، المستقبل لبناء منظومة جديدة تعظم التعاون الاقتصادي العربي المشترك لتجاوز التحديات التي تقف أمام الوصول للتكامل الاقتصادي المنشود.
لقد كان الأردن سباقا على الدوام في بناء تحالفات اقتصادية عربية تؤسس لتكامل عربي اقتصادي يضم كل الدول، إلى جانب دعم مرتكزات العمل الاقتصادي العربي المشترك وتعزيز شراكاته التجارية والصناعية والاستثمارية مع الجميع.
وقال جلالة الملك عبدالله الثاني في كلمته بالقمة العربية بدورتها العادية 32 بجدة “إن منظومة العمل العربي المشترك، بحاجة دوما إلى التطوير والتجديد، وهنا يأتي دور جامعة الدول العربية في العمل على تعظيم التعاون وخاصة الاقتصادي بين دولنا، لمواجهة تحديات الأزمات الدولية”.
وأضاف جلالته “أشير هنا إلى آلية التعاون الثلاثي بين الأردن والأشقاء في مصر والعراق، والشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، والتي تضم الأردن والإمارات ومصر والبحرين، بالإضافة إلى مشاريع التعاون المستمرة مع الأشقاء في دول الخليج، كأمثلة لما يمكن تحقيقه بشكل أوسع”.
وجاء في إعلان جدة الختامي “نؤمن بأن الرؤى والخطط القائمة على استثمار الموارد، والفرص، ومعالجة التحديات، قادرة على توطين التنمية، وتفعيل الإمكانات المتوفرة، واستثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة تتكامل في تشييدها قدرات دولنا، مما يتطلب منا ترسيخ تضامننا وتعزيز ترابطنا ووحدتنا لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبنا العربية”.
وسيسهم بناء التعاون الاقتصادي العربي وبناء الشراكات التكاملية، بتعزيز مستويات الأمن الاقتصادي من خلال رفع القدرات الإنتاجية والتنافسية والتمكين الاقتصادي المشترك وتوفير مشاريع استثماريه كبرى، ما سيوفر قيمة مضافة ستنعكس على الاقتصاد العربي بأكمله مستقبلاً.
وخلال السنوات القليلة الماضية، سعى الأردن بكل جدية لبناء شراكات اقتصادية مع مصر والعراق، وأخرى مع مصر ودولة الإمارات العربية والبحرين، عبر بناء مشروعات بمختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية، تكون منطلقا لتكامل اقتصادي عربي.
وبلغت تجارة الأردن مع دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى خلال العام الماضي 12.299 مليار دولار، تشكل ما نسبته 31 بالمئة من حجم تجارة المملكة الخارجية مع مختلف دول العالم.
ويرى رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب حمدي الطباع أن من أهم الوسائل لنهوض اقتصاديات المنطقة العربية هي من خلال التعاون والتكاتف على مستوى الدول، خاصة فيما يتعلق بالتعاون المشترك على الصعيدين الاستثماري والتجاري.
وقال الطباع إن الأردن يحاول دائما القيام بدور مهم نحو التوجه بعقد شراكات صناعية تكاملية تستهدف دفع عجلة النمو الاقتصادي العربي وتطوير القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة العالية.
وبين أن الأردن، خلال السنوات الماضية، توجه نحو عقد العديد من الاجتماعات واللقاءات والمفاوضات على مستوى الدول وكذلك القطاع الخاص للوصول إلى صيغ للتعاون المشترك بين كل من العراق و مصر والإمارات والبحرين بالإضافة إلى السعودية، وبناء برامج عمل مشتركة، لتحقيق الأهداف المرجوة من تلك التكاملات المتوقعة.
وأشار الطباع إلى أن الأردن، وفي ظل القيادة الهاشمية وتوجيهات جلالة الملك، ما يزال ماضيا في جهوده لتأطير قصص نجاح لتكاملات متعددة الأطراف وكذلك ثنائية على المستوى العربي يمكن من خلالها إقامة مشاريع استراتيجية كبيرة بتعاون مشترك مع دول الجوار.
وثمن الطباع المضامين المهمة لخطاب جلالة الملك في أعمال القمة والتي يحرص الأردن على المشاركة بها، بشكل متواصل، كإحدى الدول المهمة في الإقليم، لافتاً إلى أن خطاب جلالة الملك أظهر أولويات الأردن في العمل العربي، وإمكانيات الأردن الحقيقية واستعداده لأن يكون له دور محوري في التكامل العربي المشترك الذي نطمح له دائماً، وذلك من خلال تأسيس شراكات عربية فاعلة تتحول إلى مشاريع استثمارية على أرض الواقع، تسهم بجعل اقتصاد المنطقة العربية أكثر تماسكاً في مواجهة مختلف التحديات العالمية.
وبين الطباع الذي يرأس كذلك جمعية رجال الأعمال الأردنيين، بأن التحديات التي يواجهها الوطن العربي عديدة ومتداخلة وتتطلب التعاون في مختلف الأصعدة الى جانب أهمية تفعيل دور أعمال القمة العربية والذي تنظمه جامعة الدول العربية في تقريب وجهات النظر وحل القضايا العالقة وبما يصب في صالح العمل العربي المشترك.
وأشار الطباع إلى اهتمام ودور مؤسسات العمل العربي المشترك في مختلف الدول العربية والتي من ضمنها اتحاد رجل الأعمال العرب الحريص منذ تأسيسه في عام 1997 بأن يكون مظلة لمجتمع الأعمال العربي يمكن من خلاله من أداء دورهم التنموي.
بدوره، أكد رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق إن العالم العربي يمر حاليا بظروف ضاغطة أثرت على الحياة الاقتصادية بمختلف جوانبها، ما يتطلب جهدا استثنائيا ومضاعفا في مسار العمل العربي المشترك لدفع اتجاهات التكامل الاقتصادي العربي الحقيقي بسرعة أكبر، مؤكدا أن جلالته فتح الباب على مصراعيه خلال قمة جدة لبناء منظومة اقتصادية عربية تحقق مصالح الجميع.
وأشار إلى ضرورة التعامل مع الاستثمار بشكل تكاملي باعتباره طريقا رئيسيا لتشغيل الشباب، وإنشاء منصة للاستثمارات والفرص الاقتصادية، وتشكيل هيئة للقطاع الخاص، لوضع رؤية محددة تضمن الوصول للوحدة الاقتصادية، مؤكدا أن غرفة تجارة الأردن تعمل على إعداد ورقة عمل بهذا الخصوص سيتم رفعها لجامعة الدول العربية لدراستها.
ودعا الحاج توفيق إلى التركيز على التكامل والتعاون الاقتصادي العربي، وتشجيع الاستثمارات العربية البينية، بما يسهم بتوفير فرص العمل، وتشغيل الشباب، مشددا على ضرورة تمكين القطاع الخاص للقيام بدوره المطلوب في تحقيق التنمية الشاملة، وإقامة شراكات يكون الجميع فيها رابحًا.
وقال “اليوم مطلوب خطوات وقرارات حاسمة للدفع قدما بالمشروع التكاملي الاقتصادي العربي، الذي ما زال يراوح مكانه منذ عقود”، مؤكدا أن التأخير لا يحتمل، خصوصا في ظل تزاحم التحديات الاقتصادية، جراء التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
وأشار الحاج توفيق إلى أن القطاع الخاص العربي، يتطلع لمبادرات اقتصادية استراتيجية جديدة وعصرية، من شأنها الانتقال بالتكامل الاقتصادي العربي من حالة المراوحة إلى المسار الذي يواكب الطموحات بالتقدم والبناء والازدهار.
وأكد ضرورة التركيز على المشروعات التكاملية، سواء كانت تجارية أو زراعية او صناعية بالتوازي مع تعزيز الحضور العربي الدولي والعلاقات والتشابكات الاقتصادية العربية الدولية مع مختلف الأقطاب والدول الصديقة.
وعبر الحاج توفيق عن أسفه لضعف أرقام التجارة العربية البينية البالغة 14 بالمئة من إجمالي قيمة التجارة بين الدول العربية، مرجعا ذلك لوجود عوائق فنية وإدارية أمام حركة انسياب السلع والبضائع، وتنقل أصحاب الأعمال، وعدم انتظام حركة النقل بمختلف أنماطه.
وبين أن الدول العربية تستورد ما يقارب 90 بالمئة من احتياجاتها من العالم الخارجي نظرا لعدم وجود سلع وصناعات خاصة بها، حيث إن الآلات والمعدات تأتي في مقدمة المستوردات لعدم قدرة الدول العربية على إنتاجها لافتقارها للتكنولوجيا اللازمة.
وأوضح الحاج توفيق أن هذه المعطيات تتطلب أن تتقدم الجامعة العربية بخطوات واسعة استجابة لطروحات جلالة الملك بالقمة لإنشاء اقتصاد عربي متكامل إنتاجيا يعتمد الميزات النسبية والتنافسية بين الدول العربية وإيلاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة الاهتمام الكافي، وإزالة أية معوقات تعترض إقامة المشاريع الاستثمارية المشتركة أو تعرقل حركة التجارة.