في خضم احتدام المنافسة الاستثمارية بالمنطقة، هل يلبي مشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية احتياجات ومتطلبات المستثمرين؟ وهل يخلق بيئة استثمارية نوعية مختلفة ومحفزة؟ وهل يفكك تشفير خريطة الحوافز والإعفاءات؟.
يجيب خبراء على التساؤلات بأن مشروع القانون، الذي يندرج على جدول أعمال استثنائية الأمة لنقاشه تمهيدا لإقراره، لا يخدم الأردن استثماريا، ولا يلبي تطلعات المستثمرين.
وقال الخبراء في أحاديث منفصلة لـ”الغد” إن وضع الحوافز والاعفاءات بيد لجنة وزارية ضمن مشروع القانون يزيد من ضبابية المشهد بالنسبة للمستثمرين ويفتح باب الاجتهاد وتدخل العلاقات الشخصية لمنح الحوافز من عدمه.
وشددوا على دور مجلس النواب في إجراء نقاش موسع مع مختلف فعاليات القطاع الخاص للخروج بقانون عصري يسهم بتدفق المزيد من الاستثمارات وتحفيز القائم منها على التوسع خصوصا وأن الأردن لا يمتلك ترف إضاعة الوقت في ظل المنافسة الشديدة التي تشهدها دول المنطقة بهذا الخصوص.
يشار إلى أن مشروع القانون يتضمن تشكيل لجنة حوافز بقرار من مجلس الوزراء على أن تضم في عضويتها كلا من وزراء المالية، التخطيط والتعاون الدولي، الصناعة والتجارة والتموين.
رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع قال إنه من المفترض ان تكون الحوافز الاستثمارية واضحة في نصوص القانون خاصة وأن المستثمر يتطلع لتحقيق عائد مجد من استثماراته وتحديد الحوافز بوضوح وذلك لتجنب عزوف المستثمرين عن الاستثمار وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالاستثمار.
وأكد أهمية ربط الإعفاءات والحوافز بالتشغيل والاستثمار في المحافظات الأمر الذي سيكون له تأثير إيجابي في خلق وظائف جديدة والتخفيف من معدلات البطالة إلى جانب نمو وتطوير المحافظات من خلال توجيه الاستثمارات اليها للاستفادة من تلك الحوافز.
وبين الطباع أن القطاع الخاص الأردني يتطلع إلى وجود قانون استثمار عصري يواكب أهم المتطلبات الاستثمارية على المستوى العالمي ويساهم في تحفيز الاستثمار وجذبه وتشجيع المستثمرين على المستوى المحلي والعربي وكذلك الدولي على توجيه استثماراتهم بكل ثقة نحو الأردن.
وقال الطباع “بعد الإطلاع على مشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية لسنة 2022 فإنه يمكن ملاحظة أن القانون ساوى بين المستثمرين المحليين والأجانب وهو أمر إيجابي”، مبيناً أهمية أن يتمتع كافة المستثمرين في المملكة بثبات واستقرار التشريعات الناظمة للبيئة الاستثمارية لمدة لا تقل عن عشرة سنوات كحد أدنى.
وأشار الطباع الى أهمية تعزيز دور وزارة الاستثمار وتوضيح مهامها الموكلة اليها من خلال مشروع القانون والمتابعة المستمرة لخطط تحفيز الاستثمار وقياس الأداء بشكل متواصل.
وبين أن كلف الإنتاج المرتفعة ستكون عائقا أمام الاستثمار وعليه فإنه من المهم أن تكون الكلف الاستثمارية محددة وغير متغيرة ليتمكن المستثمر من بناء خطته الاستثمارية بكل ثقة وبدرجة عالية من اليقين.
وأشار الى أهمية أن يتم التوجه نحو تحويل الأردن إلى منطقة تنموية شاملة يتم من خلالها توحيد الحوافز والإعفاءات والمزايا الاستثمارية الممنوحة من قبل المناطق الحرة والتنموية مع اعطاء حزمة من الامتيازات المتعلقة بالاستثمار في المناطق الأقل نمواً خاصة وأن هناك العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال.
وبين الطباع أن الاستماع لرؤية القطاع الخاص فيما يتعلق بمشروع القانون هو أمر مهم جداً حيث تم التشاور مع ممثلي القطاع الخاص وأجرت الحكومة عدداً من التعديلات وذلك استجابة لملاحظات القطاع الخاص، معربا عن أمله بأن يساهم تنفيذ القانون الجديد في زيادة جاذبية البيئة الاستثمارية وتحسين التدفقات الاستثمارية التي شهدت تراجعا خلال الفترة الماضية نتيجة التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا.
بدوره، قال رئيس مجلس جمعية سيدات ورجال الأعمال الأردنيين المغتربين (تواصل)، فادي المجالي، مشروع القانون الجديد لا يخدم البيئة الاستثمارية بالمملكة في ظل المنافسة الكبيرة التي تشهدها في المنطقة في عملية جذب الاستثمارات.
واعتبر المجالي أن قانون الاستثمار الحالي يعتبر أفضل من مشروع القانون الجديد، مشيرا إلى أن مضامين مسودة القانون لم تلتفت الى حجم التسهيلات والحوافز التي منحها قوانين دول محيط باالمملكة لجذب مزيد من الاستثمارات.
وأوضح المجالي أن مشروع القانون يعتبر منقوصا وسحب منه معظم الامتيازات الموجود بالقانون الحالي إذ تم حصر الاعفاءات والمزايا بيد لجنة وزارية وهذا الأمر لا يطمئن المستثمرين.
وقال إن الأردن لا يمتلك ترف اضاعة الوقت في ظل التطورات الكبيرة التي تشهدها دول المنطقة في جذب الاستثمار مشيرا إلى أن مسودة القانون تضمنت دمج قوانين مثل الرقابة والتفتيش على الانشطة الاقتصادية وهذا لايخدم عملية جذب وتحفيز الاستثمارات.
وشدد المجالي على ضرورة إعادة النظر بمشروع قانون الاستثمار بحيث يتم التوصل إلى قانون عصري يلبي طوحات المستثمرين ويسهم في جذب المزيد من الاستثمارات لتحقيق التنمية وتجاوز التحديات الاقتصادية وعلى رأسها البطالة والفقر.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الدكتور اياد أبو حلتم إن ربط منح الحوافز والاعفاءات بيد لجنة يزيد من الاجراءات البيروقراطية المعقدة حيث أن المستثمر بحاجة في ضمن هذا الأمر ان يقدم للجنة من اجل الحصول على الاعفاءات والحوافز.
وبين أبو حلتم أن الأصل أن لا تكون هنالك لجنة لمنح الحوافز كون الهدف من وجود القانون الجديد تسهيل الإجراءات ما يتطلب ان تكون واضحة ضمن القانون.
وقال إن المستثمر عندما يقرر اقامة مشروع في بلد ما ينظر الى قانون الاستثمار وفي حال وجود ان الحوافز والاعفاءات بيد لجنة سوف يتردد مؤكدا ان دول المنطقة تشهد منافسة شديدة في جذب الاستثمارات اليها من خلال تقديم حوافز ومزايا للمستثمرين.
ولفت الى ان مشروع القانون لم يتطرق بشكل واضح الى منح الترخيص فورا للانشطة المقبولة.
من جهته، قال رئيس لجنة الاستثمار والاقتصاد النبيابية الدكتور خير ابو صعيليك ان اللجنة ستفتح نقاشا موسعا حول مشروع قانون الاستثمار من اجل التوصل الى قانون عصري يخدم بيئة الاستثمار والاعمال بالمملكة.
واكد حرص اللجنة للاستماع الى وجهة نظر جميع الفعاليات التي لها علاقة بمشروع قانون الاستثمار سواء كان ذلك من القطاع الخاص او مؤسسات المجتمع المدني للتوافق على قانون يسهم تحسين بيئة الاعمال يجذب المزيد من الاستثمارات.
وبحسب مشروع القانون، فإن لمجلس الوزراء بناء على تنسيب لجنة الحوافز، اعتماد أي خطط أو حوافز أو مزايا أو إعفاءات الأنشطة الاقتصادية في أي منطقة من مناطق المملكة بما في ذلك إعفاءات وحوافز متعلقة بسعر بدل بيع أو إيجار الأراضي المملوكة للخزينة العامة لغايات إقامة الأنشطة الاقتصادية.
كما تتضمن دعم كلف الطاقة والمياه ودعم مشاريع الطاقة المتجددة، إضافة الى السماح للمستثمرين بخصم كلف إنشاء البنية التحتية التي قاموا بإيصالها للنشاط في حال تشغيل المشروع خلال مدة زمنية معينة إضافة إلى منح اعفاءات ضريبية او جمركية مقابل تشغيل حد ادنى من العاملة الاردنية.
وتصدر لجنة الحوافز والاعفاءات قرارها باغلبية اعضائها خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما من تاريخ عرض الموضع عليها فيما يراعي منح الحوافز الآثار الاقتصادية والمرتبطة بالقيمة المضافة للاستثمار على النمو وتوليد فرص العمل للأردنيين والتصدير ونقل المعرفة والتكنولوجيا وبنا لايؤثر على المنافسة العادلة.
ويتضمن مشروع قانون البيئة الاستثمارية 5 فصول تشمل السياسات العامة للاستثمار وحقوق المستثمرين، وزارة الاستثمار ومجلس الاستثمار، الحوافز الممنوحة خارج المناطق التنموية والحرة، المناطق التنوية والحرة، تسجيل الانشطة الاستثمارية وترخيصها.
وبموجب القانون تم الغاء النافذة الاستثمارية واستبدالها بخدمة استثمارية شاملة لتراخيص الانشطة الاقتصادية سواء في الوزارة أو من خلال منصة الكرتونية مشتركة مع الجهات المسؤولة عن التسجيل والترخيص.
كما تتم الموافقة على انشاء المراكز التجارية واقامة المعارض وفتح الأسواق داخل المملكة وخارجها وتنظيم البعثات التجارية لترويج المنتجات الوطنية وتسويقها من وزارة الاستثمار الى وزارة الصناعة والتجارة والتموين والمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية.