دعا ممثلو فعاليات تجارية وصناعية، إلى مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يفضي إلى تشخيص وحل الصعوبات التي تواجه الاقتصاد الوطني.
وأكدوا لوكالة الأنباء الأردنية(بترا)، أن الشراكة بين القطاعين، ما زالت ضعيفة وتتطلب تأطيراً واضحاً لخدمة مصالح البلاد الاقتصادية في ظل الظروف الاستثنائية القائمة جراء جائحة فيروس كورونا.
وبينوا أن وجود شراكة حقيقية وفاعلة بين القطاعين من شأنه الخروج بقرارات واقعية قابلة للتطبيق تسهم باستقطاب الاستثمارات وتوفير فرص العمل لخفض معدلات البطالة ورفع أرقام النمو الاقتصادي والوصول إلى التنمية المستدامة وتحسين معيشة المواطنين.
رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق، قال إن القطاع الخاص ينشد دائماً الشراكة الحقيقية مع القطاع العام التي هي في صلب توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، مشددا على ضرورة أن تكون بارزة عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالاقتصاد الوطني وأعمال قطاعاته.
وأضاف إن استشارة القطاع الخاص في اتخاذ القرارات، يعني استشارة أهل الخبرة في مجالاتهم بالمجان، مطالبا بأن يكون القطاع الخاص شريكاً في تحمّل المسؤولية، وخاصة ان الاقتصاد الوطني يعاني ظروفا صعبة، لا يمكن للحكومة تجاوزها بمفردها.
ودعا الحاج توفيق إلى فتح صفحة جديدة، من خلال إنشاء مجلس حكماء اقتصاديين من القطاع الخاص، يساعد الفريق الاقتصادي الحكومي في اتخاذ القرارات بناء على التشخيص الحقيقي والواقعي للاقتصاد، ما يجعلها قابلة للتطبيق، وناجعة في حل المشاكل.
وأكد ضرورة أن يكون هذا المجلس في حالة انعقاد دائم، وأن تكون اللقاءات أسبوعية، لتقييم الاجراءات والقرارات أولاً بأول، ووضع توصيات من شأنها ” حلحلة” كل العراقيل، خاصة التي وضعتها جائحة فيروس كورونا أمام الاقتصاد.
وأوضح ان القطاع الخاص بمختلف مكوناته، هو القادر على استيعاب الأيدي العاملة الخريجة، والتخفيف من نسب البطالة والفقر، إضافة لكونه جاذباً للاستثمارات من خلال علاقاته، مشددا على ضرورة مأسسة علاقته مع القطاع العام.
بدوره، رأى رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير، أن تقييم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يتم بقياس مدى مشاركةِ القطاعِ الخاص في وضع وصياغة السياسات والقرارات الاقتصادية والاستراتيجيات الوطنية، خاصةً التي تمسُّ مكونات القطاع مباشرةً، ومدى تقبلِ الحكومة وتنفيذِها للمقترحات والآراء المقدّمة من القطاع الخاص.
وأشار إلى أن الحكومة أشركت القطاع الخاص في قراراتها الاقتصادية خلال الجائحة، إلا أنها تحتاج لتعزيز أكبر، عبر منح القطاع الخاص دوراً أكبر، وأن لا تقتصرَ فقط على الأخذِ برأيِ القطاع الخاصِ بل تنفيذِ مطالبِهِ وأخذِها على محملِ الجد.
وأكد أن الشراكة ما بين القطاعين تتمثل في تطوير وإنشاء مشاريع البنى التحتية في الأردن، والتي جاء قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص ليأطر عملها، ما ينمّي أداء القطاع الخاص ويحسن جودة الخدمات الحكومية المقدّمة ويوفّر فرص العمل، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة لعشرات السنين.
وأوضح المهندس الجغبير بأن مشاريع البنية التحتية، لا تقتصر على فتح الطرق، وإنما تتعداها إلى تعزيزِ المكوّنِ التكنولوجي لدى المؤسسات الحكومية وغيرها، وهو ما وجه إليه جلالة الملك أكثر من مرة، في ظل الفرص الناتجة من أزمة كورونا.
وقال “إن القطاع الخاص في الأردن، يعد المحرّك الرئيس لعجلة الاقتصاد الوطني، كونه اللاعبَ الأبرزَ في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويشكّل نحو 75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف ما يزيد على ستين بالمئة من القوى العاملة الأردنية ويستحدث غالبية فرص العمل”.
وأضاف “أن القطاع الخاص هو المورد الأبرز للعملات الأجنبية من خلال تكوينه للصادرات الوطنية، وقدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية، ومساهماته في المالية العامة من ضرائب ورسوم وغيرها”.
وأكد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، حمدي الطبّاع، أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تحتاج إلى تأطير علمي، فرغم الرسائل الملكية السامية للحكومات المتعاقبة، والتي كانت واضحةً ومباشرة، بضرورة ترسيخ مبدأ التشاور بين القطاعين، في أمور الدولة كافة، خاصة الاقتصادية منها، الا ان التنسيق لا يزال ضعيفا.
وبين بأن أرقام المديونية والنمو الاقتصادي، تدلُّ على ضعف التشاركية في اتخاذ القرار بين الطرفين، على الرغم من جهود القطاع الخاص وجمعية رجال الأعمال، بتقديم خطط مستقبلية للاقتصاد الوطني.
ودعا إلى تشخيص أسباب انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات إلى دول أخرى، قبل اكتمال دورتها الاقتصادية، والتي تصل في بعض المشاريع إلى أكثر من 20 عاماً.
وتساءل الطباع عن كيفية تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين على مستوى المشاريع الاقتصادية، من دون وجود مجلس أعلى للشراكة والتشاور بين الجانبين، قبل إقرار أي قوانين أو حتى أنظمة.
واشار الى إن الحكومات المتعاقبة اعتادت على إقرار أنظمة وتعليمات مؤثرة في بيئة الأعمال، بعيداً عن رأي القطاع الخاص بها، وهو ما أثر على تنافسية الأردن في جذب الاستثمار، موضحا أن جمعية رجال الأعمال الأردنيين، التي تربطها مجالس أعمال مع عددٍ كبيرٍ من رجال الأعمال في الوطن العربي والعالم، تقدم توصيات للحكومة، كجزء من التشاركية، إلا أن حجم الاستثمارات وما يطبّق على أرض الواقع لا يلبّي الطموحات.
وأكد أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على حشد وجمع إمكانات المجتمع كافة، من القطاعين العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ووضع هذه الطاقات في تنظيمات مؤسسية، تتولى إنشاء وتشغيل المشاريع بمختلف أنواعها، ما يساعد أي دولة على تحقيق أهدافها التنموية، لخدمة مجتمعاتها على أساسٍ تشاركيٍ تعاونيٍ، وحوكمة جيدة، ومساءلة شفافة، ومنفعة متبادلة.
وأكد الطبّاع أن الشراكة بين القطاعين هي الملجأ للخروج من المأزق الاقتصادي الذي يمر به اقتصادنا الوطني، وهي النهج الذي رسّخه جلالة الملك عبد الله الثاني منذ تسلمه سلطاته الدستورية، داعياً الحكومة للالتزام بالمعايير العالمية والدولية التي وضعتها العديد من المؤسسات العالمية في آلية التشاركية بين القطاعين.
من جهته أكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، النائب خالد أبو حسان، أن الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص هي ما وجه له جلالة الملك عبدالله الثاني، موضحا حاجة القطاعات بمختلف أنواعها ومجالاتها، بالمرحلتين الحالية والمقبلة، لقرارات منبثقة عن احتياجاتها ومشاكلها، وقال :” شكل العلاقة الحالي، لا يمكن أن يفضي لقرارات ذات أثر إيجابي”.
وبين أبو حسان أن الحكومة تسمع وباستمرار لمطالب القطاع الخاص، إلا أن القرارات التي تصدُرُ لاحقاً لا تتواءم وهذه المطالب، ولا تدل على تشخيص المشاكل على النحو الصحيح، لافتاً إلى أن البيروقراطية الحكومية، والاجراءات المعقدة في بعض الأحيان، تعطّل تطبيق قرارات ناجعة لكلا الطرفين.
وشدد على ضرورة اجراء تعديلات على ما يحتاج من تعليمات وأنظمة وتشريعات واجراءات وقرارات، تكون منبثقة عن توصيات لاجتماعات الحكومة والقطاع الخاص، ومبنية على تحديد القطاعات لمشاكلها، ووضع الحلول اللازمة لها وتنفيذها على أرض الواقع، بما يحقق استدامة العمل في مختلف القطاعات.
إلى ذلك رأى رئيس جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية (جيبا) المهندس جمال بدران، أن الشراكة ما بين القطاع الخاص والحكومة ليست في أفضل حالاتها، وهي كذلك منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أنها تحتاج لتأطير ومأسسة.
وأشار إلى أن العلاقات الشخصية، تؤثر كثيراً على استمرارية الحوار ما بينهما، لافتاً إلى ضرورة تأطير العلاقة بين الطرفين بالقانون والمؤسسات، بما يضمن تطبيق قرارات سليمة إلى حدٍ كبير، مبنية على الحوار البناء المشترك.
وبين أن مخاطر ضعف الحوار ما بين ممثلي القطاع الخاص والحكومة، بلا شك ، تنتج قرارات خاطئة تضر بالاقتصاد الوطني والمواطنين.