أصدرت جمعية رجال الأعمال الأردنيين ورقة تحليلية لمشروع قانون الموازنة لعام 2021 أكدت من خلالها على أن موزانة الدولة للعام الحالي تعد من الموازنات الأصعب على الإطلاق ومصحوبة بالعديد من التحديات وذلك لتأثرها بالتداعيات السلبية لجائحة فايروس كورونا وأثرها الجوهري على أداء مختلف القطاعات الاقتصادية التي تضررت بشكل كبير بالإضافة إلى تراجع الاقتصاد الوطني الذي بدأ منذ بداية الجائحة في منتصف اذار من العام السابق ليحقق النمو الاقتصادي إنكماشاً في أدائه بنسبة %2.2 في نهاية الربع الثالث من عام 2020. كما ونتج عن الجائحة زيادة نسبة البطالة لتصل في نهاية الربع الثالث من عام 2020 لما نسبته 23.9%.
وأكد حمدي الطباع رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين على أن جائحة فايروس كورونا قد عمقت تحديات ارتفاع الدين العام خاصة في ظل إرتفاع عجز الموازنة خلال العام السابق مما فاقم احتياجات التمويل لسد هذا العجز وتمويل النفقات اللازمة كما وإرتفعت متطلبات الإنفاق على بنود الحماية الإجتماعية ودعم القطاعات المتضررة والرعاية الصحية ومتطلبات التصدي للفايروس. إلا أنه من الممكن الخروج من هذه الآثار من خلال خطة استراتيجية للتعافي الاقتصادي يتحمل كل من القطاعين العام والخاص دوره لحماية الاقتصاد الوطني، وهذا ما أكدت عليه الدراسات التي أصدرتها الجمعية ورفعتها إلى الحكومات منذ بدء الجائجة العام الماضي,
وأشار الطباع إلى أنه من المتوقع أن تستمر التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني نتيجة الجائحة لمدة زمنية لا تقل عن ثلاثة سنوات وهي المدة اللازمة للبدء بتحقيق التعافي الاقتصادي، لافتاً إلى أن توقعات مؤسسة موديز العالمية تشير إلى إحتمالية بلوغ الدين العام لما نسبته 109 % من الناتج المحلي الإجمالي، و أن يصل عجز الموازنة إلى ما يقارب 8.6 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكدت الجمعية في ورقتها على أن بناء فرضيات وتوقعات مشروع قانون الموازنة على تحقيق نمو بنسبة 2.5% وتوقع نمو الصادرات بنسبة 6.5% هو إفتراض غير واقعي خاصة وأن التداعيات الاقتصادية لجائحة فايروس كورونا أثرت بشكل كبير على مختلف القطاعات مما سيلزم الاقتصاد وقت طويل ليتعافى خاصة وأن الجائحة ما تزال مستمرة ولم تنتهي وأغلب القطاعات الاقتصادية ما تزال متضررة ولم يعد نشاطها لسابق عهده، وبالرجوع لأحدث تقارير البنك الدولي فقد توقع تحقيق الاقتصاد الأردني لنمو اقتصادي بنسبة 1.8% خلال عام 2021، وعليه تم تخفيض توقعات النمو. مع العلم بأن صندوق النقد الدولي كان قد توقع قبل الجائحة أن يحقق الأردن نمو اقتصادي بواقع 2% وتوقع في بداية الجائحة أن يتراجع النمو الاقتصادي خلال عام 2020 بواقع 5.5% ثم أعاد التوقع أن يتراجع النمو بمعدل 3%.
وأشارت الجمعية في ورقتها التحليلية على أنه وبالرغم من زيادة الإنفاق الرأسمالي في موازنة 2021 إلا أنه لا يزال الاقتصاد الأردني يحتاج إلى زيادة تخصيص الموارد المالية نحو الإنفاق الرأسمالي، كما أنه من المهم توجيه هذه الزيادة نحو مشاريع ذات قيمة اقتصادية مضافة تساهم في توفير فرص عمل جديدة تدفع عجلة الإنتاج وتحقق عوائد مستقبلية. حيث أن الإنفاق الرأسمالي سابقا كان يخصص لمشاريع مستمرة وقيد التنفيذ، بينما ما يحتاج له الاقتصاد هو تخصيص الإنفاق الرأسمالي على مشاريع استثمارية تساهم في إرفاد خزينة الدولة في المستقبل، خاصة مع صدور قرار خلال العام السابق بتخفيض المشاريع الرأسمالية بما نسبته 25% باستثناء المشاريع الممولة من القروض أو المنح والمرتبطة بمؤشرات منح أو قروض. مبينةً بأن إلغاء كافة المشاريع المدرجة تحت بند النفقات الرأسمالية التي تعتبر في حيثياتها نفقات تشغيلية خلال عام 2021، يعد قراراً إيجابياً سيساهم في التركيز على المشاريع الاستثمارية الحقيقية ذات القيمة المضافة.
كما وأشارت الجمعية إلى أنه عند إعادة النظر في قانون الموازنة لعام 2020 نلاحظ أن الأرقام الفعلية التي تم تحقيقها تختلف بشكل ملحوظ عن ما تم تقديره، خاصة فيما يتعلق بزيادة الإيرادات الحكومية من العوائد الضريبية كما كان متوقع، وضبط النفقات الحكومية وهذا لا يعود فقط للجائحة حيث أن ذلك دائم الحدوث في الموازنات السابقة الأمر الذي يعكس مشكلة في آلية التوقعات التي يتم إتباعها فيتوجب أن تكون التوقعات قريبة بشكل ملموس إلى الواقع ومتوافقة مع الظروف الاقتصادية.
وأكدت الجمعية على أهمية أن تترافق مع مشروع قانون الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكوميّة خطة اقتصادية مرنة تتيح المجال لمواكبة التطورات والمستجدات الاقتصادية خلال عام 2021، كما وبينت الجمعية أن إعادة صرف الزيادة على نسبة العلاوة الاضافية المعتمدة والزيادة المقررة على رواتب ضباط وافراد القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، والزيادة المقررة بموجب أحكام النظام المعدل لنظام رتب المعلمين رقم 35 لسنة 2020. سيزيد من النفقات العامة وإن كان له أثر إيجابي طفيف في تحسين القدرة الشرائية و تنشيط الاقتصاد ولكن هذا الأثر لن يكون كافياً حيث أن تكاليف المعيشة والعبء الضريبي المرتفع إلى جانب تزايد معدلات البطالة وعدم التمكن من خلق فرص عمل جديدة سيشكل عائقاً كبيراً أمام تحقيق نسب النمو المتوقعة التي تم بناء الموازنة عليها.
ولفتت الجمعية إلى أنه يتوجب أن تراعي الموازنة الأولويات الاقتصادية كما تعكس متطلبات المرحلة التي نعيشها ونتطلع اليها خصوصا في ظل جائحة كورونا مما يستدعي تنظيم النفقات بحيث يتم زيادة الانفاق على مشاريع ذات عائد مضمون وقابل للتحقق على المدى القصير.
وتضمنت الورقة التحليلية لمشروع لموازنة العامة لعام 2021 حزمة من التوصيات والتي من أبرزها ضرورة العمل على المراجعة المتواصلة والمستمرة للمنظومة الضريبية ومحاولة الحد من التشوهات الضريبية والقيام بالإجراءات التصحيحية اللازمة بشكل مستمر لنصل إلى نظام ضريبي كفوء يحقق العدالة، والعمل على تنويع مصادر الإيرادات الحكومية وعدم التركيز على الإيرادات الضريبية فقط لتنويع مصادر الإيرادات العامة لتجنب زيادة العبء الضريبي بشكل أكبر.
إلى جانب العمل على توجيه الإنفاق الرأسمالي نحو المشاريع الاستثمارية التي تساهم على المدى الطويل في تزويد الاقتصاد بالعوائد والموارد المالية التي يمكن إستخدامها مستقبلاً في تمويل النفقات الحكومية وتقليل الإعتماد الكبير على الدين الداخلي والخارجي لغايات تمويل الإنفاق الحكومي.
وأوصت الجمعية إلى ضرورة العمل على تشجيع إستخدام الطاقة البديلة في توليد الكهرباء خاصة في القطاع الصناعي لما يساهم ذلك في تقليل التكاليف والحد من مشكلة تكلفة الكهرباء والطاقة المرتفعة ويعزز من تنافسية الصادرات الأردنية.
مشددةً على أهمية إتخاذ القرارات اللازمة لتخفيف حجم الإنفاق غير المبرر وتحسين عملية ضبط النفقات بشكل مدروس بحيث لا يؤثر سلبا على الأداء الحكومي، واستخدام الموازنة كأدة فعلية للرقابة والتخطيط، للمساهمة في تخفيض مقدار العجز في الموازنة. بالإضافة إلى العمل على التحليل القطاعي لمشكلة العجز عن طريق النظر عن قرب لأبعاد هذه المشكله حسب القطاعات الاقتصادية وتحديد المشاكل المتعلقة بكل قطاع بشكل منفصل.
وأكدت الجمعية على أهمية العمل على إعادة هيكلة سداد الديون وجدولتها وترشيد إستخدام القروض بحيث يتم التركيز على سداد القروض المرتفعة مع التأكيد على أهمية أن يتم توجيه المساعدات الخارجية المستخدمة بشكل فعال في تمويل العجز في الموازنة الحكومية عن طريق توجيهها بشكل كفوء في مشاريع إنتاجية في القطاعات النشطة اقتصادياً مع التركيز على المشاريع الإنتاجية والاستثمارية طويلة الآجل لما يساهم به هذا النوع من المشاريع في تحسين وتحفيز النمو الاقتصادي.
كما وأوصت الجمعية إلى ضرورة تعزيز مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص فيما يتعلق برسم السياسات والخطط المستقبلية بحيث يكون القطاعان داعمين لبعضهم البعض ليتمكن القطاع الخاص من تحقيق التطور الكافي في نشاطاته لدعم عمليه النمو الاقتصادي على المدى الطويل بالإضافة إلى ضرورة العمل على تعزيز وجذب الاستثمار الأجنبي سواء في المشاريع أو في المحافظ الاستثمارية والأوراق المالية وتحفيز الاستثمار المحلي كأحد أشكال الاستثمار الهامة التي تساهم بشكل كبير في تحفيز النمو الاقتصادي.