قال رئيس جمعية رجال الأعمال الاردنيين حمدي الطباع أن المرحلة الحالية « حاسمة « لتحديد ما سيغدو عليه الاقتصاد في المستقبل، مشخصا خلال حديثه المفصّل لـ» الدستور « أبرز الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا على الاقتصاد الاردني، وفي مقدمتها : تراجع معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، و تزايد معدلات البطالة، و تراجع الصادرات الوطنية، وتزايد المديونية الداخلية والخارجية.. منوها في الوقت ذاته الى أن هناك قطاعات نجحت خلال الجائحة ولابد من دعمها بالترويج لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وحول رؤيته لكيفية الوصول الى مرحلة « التعافي الاقتصادي « قال الطباع إن الامر يحتاج إلى وقت طويل؛ لأن الجائحة ينظر اليها عالميا الى انها قريبة من « الكساد العظيم «، ولكن وحتى يتمكن القطاع الخاص من الاستمرار والتعافي لا بد من خطط عمل وبرامج تحفيزية تقوم على : ضخ السيولة في الاقتصاد على مراحل و دعم الوظائف بشكل كامل لمنع الاقتصاد من التدهور، و تقديم حزمة من الإعفاءات وتسهيلات إئتمانية كبيرة.
وفي ما يلي النص الكامل للحوار :
ابرز آثار « الجائحة» اقتصاديا :
– حول ابرز آثار « جائحة كورونا « على الاقتصاد الوطني تحدث رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين حمدي الطباع قائلا :
هناك العديد من التداعيات الاقتصادية لفايروس كورونا المستجد على المستوى الكلي وكذلك الجزئي وهي لا تخفى على أي أحد حيث بدأت المؤشرات الاقتصادية بتسجيل تراجع غير مسبوق في أدائها خلال النصف الأول من العام الحالي ونخص بالذكر تراجع معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي وتزايد معدلات البطالة وتراجع الصادرات الوطنية إلى جانب تزايد المديونية الداخلية والخارجية.
وهذه المؤشرات المقلقة تعكس الآثار السلبية للكورونا وما رافقها من إجراءات إحترازية ووقائية وفرض حظر شامل تعطلت من خلاله الأنشطة الاقتصادية وانقطعت سلاسل الإنتاج والتزويد، وبالتالي واجهت المنشآت وكذلك الأفراد مشكلة في توفر السيولة نتج عنها تزايد نسبة الشيكات المرتجعة، وأثرت التداعيات على استمرارية العديد من الشركات خاصة الصغيرة بالحجم وخسر نسبة لا يستهان بها وظائفهم لعدم مقدرة الشركات على الوفاء بالالتزامات.
هذا إلى جانب القطاعات الاقتصادية التي تراجع أداؤها والتي كانت تعاني مسبقاً وبعضها كان يعتبر متعثراً وبعض القطاعات المزهرة تأثرت سلباً نتيجة الكورونا وما زال التراجع في الأداء مستمراً للأسف.
ويمكن تسليط الضوء على آثار كورونا على الاقتصاد الوطني بشكل من التفصيل كالتالي:
1. تراجع عدد المسافرين على متن الملكية الأردنية بنسبة 71.9٪
2. تراجع عدد المغادرين على متن الملكية الأردنية بنسبة 71.8٪
3. تراجع حجم التداول في سوق العقار بنسبة 29.1٪
4. ازدياد معدل البطالة 23٪ (21.5٪ لدى الذكور، 28.6٪ لدى الإناث) خلال الربع الثاني من عام 2020 مقارنة 19.2٪ ( 17.1٪ لدى الذكور، 27.2 لدى الإناث) في نفس الفترة من عام 2019.
5. تزايد العجز المالي في الموازنة العامة للحكومة المركزية ليشكل ما نسبته -7.3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، خلال أول 6 شهور من العام 2020 مقارنة -3.6٪ بنفس الفترة من عام 2019.
6. ارتفاع رصيد إجمالي الدين العام الداخلي ليصل إلى ما نسبته 60.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية شهر حزيران 2020.
7. ارتفاع رصيد الدين العام الخارجي ليصل 41.2٪
8. ارتفاع المديونية لتصل 101.8٪ مقارنة 95.2٪ في عام 2019.
9. انخفاض الإيرادات المحلية خلال أول 6 أشهر من عام 2020 بنسبة 16.8٪
10. انخفاض النفقات الرأسمالية بنسبة 32.5٪
11. انخفاض الصادرات الكلية خلال أول 7 شهور من عام 2020 بنسبة 6.3٪
12. انخفاض إجمالي تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج خلال أول 8 أشهر من عام 2020 بنسبة ٪ 10
13. انخفاض مقبوضات السفر خلال أول 8 أشهر من عام 2020 بما نسبته 70٪ .
14. تراجع مدفوعات السفر بنفس الفترة بمقدار 72٪
15. انخفاض حجم التجارة الخارجية اول 7 شهور من عام 2020 بمقدار 1.4 مليار دينار.
ما ذكر آنفاً ما هو لا مؤشر بسيط عن ما يحدث نتيجة جائحة كورونا وما يزال هناك الكثير من الأمور التي يتوجب على أهل الاختصاص من كل قطاع تحليلها وتسليط الضوء عليها.
خسائر القطاعات الاقتصادية :
– وعن حجم الخسائر الحقيقية لكل قطاع يقول الحاج حمدي الطباع :
ما يزال من الصعب تحديد أرقام بشكل دقيق خاصة وأن الجائحة ما تزال مستمرة ولم تنته لنتمكن من حصر الخسائر والتكاليف فلا تزال تداعيات الجائحة مستمرة والنشاط الاقتصادي لم يعد لطبيعته ولكن ممكن الاستدلال على حجم الخسائر بشكل تقريبي من خلال الإطلاع على أداء القطاعات خلال النصف الأول من العام الحالي:
حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الثابتة إنكماشاً في أدائه بمقدار 1.2٪ خلال النصف الأول من عام 2020 بالمقارنة مع نمو نسبته 1.9٪ خلال نفس الفترة من عام 2019. وذلك نتيجة تداعيات فايروس كورونا وإذا ما قارنا بشكل من التفصيل في الربع الأول من عام 2020 كان معدل النمو 1.3٪ مقارنة 2٪ في نفس الفترة من عام 2019 وفي الربع الثاني من عام 2020 بلغ النمو -3.6٪ مقارنة 1.7٪ في نفس الفترة من عام 2019. وإذا ما رجعنا إلى معدلات النمو الربعي خلال عامي 2018،2019 نلاحظ أن التراجع الذي حققه الناتج المحلي الإجمالي في أول ربعين من عام 2020 هو تراجع غير مسبوق.
إن من أبرز القطاعات الاقتصادية التي ساهمت في معدل إنكماش الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020:
1. الصناعات التحويلية.
2. النقل والتخزين والاتصالات
3. الخدمات الاجتماعية والشخصية.
شكلت هذه القطاعات ما نسبته 83.3٪ من التراجع في النمو الحقيقي. وقد شهدت القطاعات التالية تراجعاً في أدائها:
1. المطاعم والفنادق
2. النقل والاتصالات والتخزين
3. تجارة الجملة والتجزئة
4. الكهرباء والمياه
5. الصناعات الاستخراجية
أما القطاعات التي واجهت تباطؤاً في أدائها فهي:
1. القطاع الزراعي.
2. خدمات المال والتأمين
3. العقارات
4. منتجو الخدمات الحكومية
وإذا ما اطلعنا على معدلات نمو هذه القطاعات ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي خلال أول 6 شهور من العام الحالي مقارنة بعام 2019 نلاحظ أن القطاعات تراجعت معدلات نموها وتراجعت كذلك مساهمتها في النمو الحقيقي.
قطاعات تحسن أداؤها :
– وعن ابرز القطاعات الاقتصادية التي تحسن أداؤها، وكيف يمكن تقديم مزيد من الدعم لها، قال الطباع :
إن أفضل مؤشر يمكن من خلاله الاستدلال على تحسن أو تراجع أداء قطاع هو تحليل معدلات النمو ونسب مساهمة القطاعات للناتج المحلي الإجمالي؛ فالقطاع الذي زادت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي أو تزايد معدل نموه مقارنة بنفس الفترة من عام 2019 يكون حقق تحسنا في أدائه.
وعند الإطلاع نلاحظ أن أغلب القطاعات قد سجلت تراجعاً ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن بعض القطاعات لم تسجل آرباحا ولكن قد لا تكون كافية لترفع أداءها في ظل الظروف الراهنة، ولكن وبشكل عام هناك عدد من القطاعات الاقتصادية التي أصبح الاهتمام موجها لها من قبل جميع دول العالم وهي: (القطاع الصحي، قطاع المستلزمات الطبية، الصناعات الدوائية، الصناعات الكيميائية خاصة كل ما يتعلق بالتعقيم، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، القطاع الزراعي).
يمكن تقديم الدعم لهذه القطاعات من خلال الترويج الاستثماري لها لجذب الاستثمارات الأجنبية ضمن توفير حزمة متنوعة من المشاريع ذات العوائد المحفزة والشروط والمزايا المشجعة وتسليط الضوء على مزايا كل قطاع من هذه القطاعات في الأردن وبالتالي فإن العمل على توسيع نشاط هذه القطاعات من خلال الاستثمار هو أفضل دعم يمكن تقديمه.
كيف نصل لمرحلة « التعافي الاقتصادي « ؟
– وردا على سؤال لـ»الدستور» حول كيفية الوصول الى مرحلة «التعافي الاقتصادي» سريعا، قال الحاج حمدي الطباع رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين :
من الصعب أن يكون هناك تعاف اقتصادي سريع حتى في حالة الاقتصاديات المتقدمة ذات الدول الصناعية الكبيرة؛ فالأزمة التي يمر بها العالم اليوم صنفت من قبل الاقتصاديين على أنها قريبة ومتشابهة من الكساد العظيم الذي دمر العالم في الثلاثينيات وبالتالي التعافي يحتاج إلى وقت طويل ويحتاج إلى خطط عمل وبرامج تحفيزية تكون قائمة بشكل أساسي على ضخ السيولة في الاقتصاد على مراحل ودعم الوظائف بشكل كامل لمنع الاقتصاد من التدهور وتقديم حزمة من الإعفاءات وتسهيلات إئتمانية كبيرة ليتمكن القطاع الخاص من الاستمرار والتعافي.
فتعافي الاقتصاد يكمن بشكل أساسي في تعافي قطاعاته ولكي يتعافى الاقتصاد يجب أن يكون لدى الحكومة مقدرة على الإنفاق وللأسف هذه المقدرة تحدها بشكل كبير المديونية العالية وبالتالي لا مفر من التوجه نحو المساعدات الخارجية من قبل المؤسسات الدولية التي تهدف إلى مساعدة الدول في التصدي للجائحة وتعزيز كفاءة توزيع الموارد المالية المحلية المتاحة من المصادر الضريبية وغير الضريبية.
كما ويمكن إعادة النظر في جميع الخطط التي كانت موضوعة في بداية عام 2020 وتأجيل ما يمكن تأجيله منها وإعادة توجيه الموارد المالية المحلية المتاحة وإعادة بناء الموازنة العامة بحيث يتم تسليط الضوء على التعافي الاقتصادي والخروج من هذه الأزمة.
وبالتالي تحقيق التعافي يتطلب برامج اقتصادية تحفيزية تستهدف بشكل أولي القطاعات الأكثر تأثراً إلى الأقل تأثر مع العمل على تقليل التكاليف والأعباء والإلتزامات على القطاع الخاص وتعزيز دور المؤسسات العامة والتعاون والتكاتف بينها وبين مؤسسات المجتمع المدني ومختلف الفعاليات الاقتصادية الممثلة للقطاع الخاص.
بالإضافة إلى أهمية تقديم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والتي تشكل نسبة لا يستهان بها من القطاع الخاص وتقديم الحوافز الكافية لتشجيع الدمج وذلك لضمان الاستمرارية في ظل هذه الظروف الصعبة.
لا بد من دعم حكومي للقطاع الخاص
لمواجهة تداعيات الجائحة :
– وعن القطاعات التي استطاعت تجاوز أو التقليل من تداعيات الجائحة وتلك التي لم تستطع ذلك، قال الطباع :
كما قلت مسبقاً من الصعب الجزم قبل مرور عام على الأقل وكذلك من الصعب تحديد ذلك وما تزال الجائحة قائمة والتداعيات والآثار السلبية مستمرة ومتجددة فلن يظهر أي أثر ملموس طالما أن موجات كورونا مستمرة ويرافقها إجراءات منها الحظر المؤقت وغيرها من الأمور.
كما أن تراجع معدلات النمو الاقتصادي هو مؤشر كاف على الاستدلال منه بأن القطاعات الاقتصادية تعاني بشكل حقيقي ولن تتمكن القطاعات الاقتصادية من تجاوز أو حتى التقليل من تداعيات الجائحة بالاعتماد على نفسها دون تغيير شيء من قبل الحكومة؛ فالقطاعات تحتاج إلى دعم القطاع العام والتخفيف من المعيقات والتحديات التي أثقلت كاهل القطاع الخاص.
وبالتالي في رأيي الشخصي لا يوجد قطاع اقتصادي سيتمكن من مواجهة التداعيات الاقتصادية للجائحة وحده دون تقديم أي دعم حكومي له بشكل مباشر وغير مباشر.
أبرز تحديات المرحلة :
– وعن ابرز تحديات المرحلة في ظل وجود حكومة جديدة، يقول الحاج حمدي الطباع رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين في حديثه لـ» الدستور « :
هناك حزمة مكثقة من التحديات في البداية التحديات التي واجهتها كل الحكومات السابقة من ملف البطالة والفقر والتهرب والتجنب الضريبي والإصلاح الاقتصادي والهيكيلي والمالي والمديونية وغيرها من التحديات الاقتصادية-الاجتماعية التي يعاني الاقتصاد الأردني منها منذ سنوات عديدة.
أما ما يميز التحديات الجديدة لهذه المرحلة فهي في إيجاد وسائل للتعافي الاقتصادي والتقليل من الآثار السلبية للجائحة وإيجاد الحلول الكفيلة بمنع دخول الاقتصاد في مرحلة الكساد حتى لا يصبح التعافي أمراً مستحيلاً. وبالتالي تعتبر المرحلة الحالية مرحلة حاسمة تحدد ما سيغدو عليه الاقتصاد في المستقبل.
وعليه فإن أفضل ما يمكن أن نوصي به الحكومة الجديدة هي بالإطلاع على ما تم طرحه من مقترحات وآراء وتوصيات من جميع ممثلي القطاع الخاص حول آلية التعامل مع الجائحة والاستدلال بها فهي نابعة عن تجارب عملية وخبرة متراكمة في مجال الأعمال بمختلف أنشطته.
وأن يتم الأخذ بعين الاعتبار ذلك عند صياغة فرضيات الموازنة لعام 2021 حيث يتوجب أن تقوم وزارة المالية بتقديم شروحات تفصيلية ولا أن يكون هناك أي بند مبهم وأن تزيد الشفافية كي نتجنب الوقوع بأي حالة لبس أو سوء تفاهم فإن الموازنة ستشكل خارطة الطريق وستوضح الكثير من الأمور. كما ونأمل أن نتفادى أخطاء موزانة 2020 بتجنب التوقعات التفاؤلية المبالغ بها.
ونحن في جمعية رجال الأعمال الأردنيين على استعداد تام للتعاون في تقديم المشورة كما عهدتنا الحكومات المتعاقبة دوماً.