استضافت جامعة اربد الاهلية معالي السيد حمدي الطباع رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين في لقاء حواري حول الوضع الاقتصادي وتجربة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الاردن ، بدعوة من سعادة الدكتور محمد الصبارين رئيس الجامعة وحضور عدد كبير من الاساتذة والطلبة وقد ادار الحوار سعادة الدكتور سالم الرحيمي عميد كلية العلوم الادارية والمالية في الجامعة . واستهل معالي رئيس الجمعية اللقاء بشرح الوضع الاقتصادي القائم والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الاردني كما بين الدور الاساسي والهام للقطاع الخاص في الاردن وهو محرك عجلة الاقتصاد الوطني وعليه يجب ان يكون له دورا هاما في رسم السياسات الاقتصادية. والقطاع الخاص هو منفذ العملية التنموية ومديراً لها ومستثمراً في كافة المشاريع الإنتاجية خدمية كانت أم سلعية وفي كافة القطاعات الإقتصادية ، وهو المصدر والمستورد ، وهو الموظف الأكبر للعمالة ، وهو الذي يمتلك ويشغل النظام المصرفي ، وهو الذي يقرض القطاع العام لتغطية جزء كبير من عجوزات الموازنة . وهو الذي يتحمل الجزء الأكبر من أعباء الضرائب والرسوم بأنواعها وهوالطرف الرئيس في كافة الإتفاقات الدولية . وقد جرى حوار مفتوح مع الحضور من عمداء كليات الجامعة والاساتذة والطلبة اجاب فيه معالي رئيس الجمعية على استفساراتهم واستمع الى رؤيتهم ومقترحاتهم حول القضيتين مدار البحث الوضع الاقتصادي وواقع الشراكة بين القطاعين العام والخاص .
وحول الوضع الاقتصادي اكد معاليه على أن الأردن دولة محورية في المنطقة ويمتاز بالاستقرار والأمن الذي ينعم به بالرغم من كل التطورات الإقليمية . ولكن مؤشرات اداء الاقتصاد الاردني مقلقة وهناك تحدي كبير امام نمو الاقتصاد الوطني فالوضع الراهن يدق ناقوس الخطر ويستدعي الاستعجال في ايجاد الحلول على المدى القصير والمتوسط و لازالت مشكلة البطالة قائمة و معدل البطالة اكثر ارتفاعا بين حملة الشهادات الجامعية اذ بلغ( 2ر18 %) مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى ، وأن كل مواطن اردني ( 6 ملايين) مدين الآن بحوالي 3550 دينار أردني كدين عام. ، كذلك تزايد معدلات التضخم التي تساهم في صعوبة الأوضاع المعيشية في ظل ارتفاع المستويات العامة للآسعار فيما تتآكل مستويات الدخول فما زالت نسبة الفقر حوالي 5ر13 % من الشرائح السكانية بالمملكة وفقا للاحصاءات الرسمية .
كما يمكن القول ان جزءا من قضية تزايد العجز المالي في الموازنة اضافة الى تزايد النفقات وتراجع الايرادات ومشكلة الطاقة في الاردن يعود لضعف الكفاءة في ادارة مالية الدولة حيث ان الادارة هي الاساس وكان هناك دعوة للاصلاح الاقتصادي من خلال تشكيل لجنة الحوار الاقتصادي والتي خرجت بالعديد من التوصيات ساهم باخراجها العديد من رجال الاقتصاد والاكاديميين الا ان التوصيات بقيت في الادارج ولم ترى النور والحديث عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص جميل ولكن على ارض الواقع لا نلمس في كثير من الاحيان اثاره خاصة في مجال سن القوانين الاقتصادية حيث لا شراكة حقيقية في صنع القرار مما يستوجب وجود تعاون حقيقي .
وهنا ياتي دور الجامعات الاردنية بالمشاركة في وضع تصور مستقبل الاردن ووضع رؤية جلالة الملك في خطة طموحة وقابلة للتنفيذ واكد على ضرورة مشاركة ابناء الاردن وقادة المستقبل في اقتراح الحلول ورحب بتلقي مقترحاتهم ودراستها من منطلق مشاركة القطاعين العام والخاص وكذلك كافة شرائح المجتمع الاردني في وضع التصور المستقبلي .
وحول الشراكة اضاف الطباع ان مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص له جانبان الاول شراكة في رسم السياسات والتشريع فيتم اتخاذ القرارات الهامة بالتوافق بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق المصلحة المشتركة وهذا يتجلى من خلال وجود عدة مجالس للشراكة بين القطاعين العام والخاص ومشاركة القطاع الخاص في مختلف اللجان والاجتماعات المشتركة مع الدول العربية والصديقة .
والجانب الثاني شراكة في التنمية والمشاريع ، والمشاركة في المشاريع هي نوع من أنواع التعاقدات التي تتم بين قطاعات الدولة مع القطاع الخاص، لتنفيذ مشروعات ضخمة تحتاج إلى تمويل كبير،وتقديم الخدمات للمواطنين في ظل زيادة عبء توفير تلك الخدمات على الموازنة العامة او لضعف الكفاءة في تقديم تلك الخدمات من جانب القطاع العام . مما يعني تحولا من شكل توفير الدولة للخدمات العامة بصورة مباشرة الى تقديمها بصورة غير مباشرة اوترك المجال كليا للقطاع الخاص لتقديمها . والمشكلة لدينا في الاردن إدارية ، فحسن التدبير هو الأساس، وللأسف الإدارة عندنا مبذرة وتتسبب بهدر مالي كبير، وبعض مؤسسات الدولة لا حاجة لوجودها فهناك على سبيل المثال 62 مؤسسة مستقلة تشكل عبئا على موازنة الدولة و تتضارب فيها المسؤوليات ولا انجازات حقيقية لها على ارض الواقع . نستطيع القول ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص ما زالت ضعيفة ا. إن العلاقة التي تحكم القطاعين الخاص والعام يجب ان تكون مبنية على رؤية جلالة الملك بان القطاع الخاص شريك أساسي في عملية التنمية وقيادة دفة الاقتصاد الوطني ، ولكن واقع الحال ان مدى تاثير القطاع الخاص على قرارات الحكومة الاقتصادية محدود فعملية التشاور والمناقشة بين القطاعين تنتهي بعد نهاية الاجتماعات ولا يؤخذ بملاحظات القطاع الخاص في كثير من الاحيان بل ونفاجأ في قرارات لها تاثير كبير على المستثمرين والمنتجين والتجار نعلم بها من وسائل الاعلام .
ومن جانب اخر هناك التخاصية وهي من اوجه تجارب الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المشاريع ، اذ بمرور الوقت وتنامي دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية جاء توجه الحكومة الاردنية نحو سياسة التخاصية في مطلع الربع الاول من عام 1985 مستمداً من روح كتاب التكليف الملكي السامي للحكومة آنذاك الذي حث على تشجيع القطاع الخاص ليأخذ دوره الريادي في التنمية الاقتصادية في معظم القطاعات بما فيها الصحة والتعليم.
وسار برنامج التخاصية منذ ذلك الوقت وفقا لخطة محددة وبرنامج زمني تم خلاله خصخصة 19 شركة. وقد لاقى برنامج الخصخصة في الاردن انتقادات عديدة وانقسم الخبراء والاقتصاديين وشرائح المجتمع المختلفة بين مؤيد ومعارض ، حتى كانت توجيهات سيد البلاد بتكليف الحكومة لتشكيل لجنة خبراء محايدة تقدم تقريرا تقيم فيه تجربة التخاصية بشفافية ووضوح ، وفي 31/3/2014 قدمت الحكومة نتائج دراسة تقييم التخاصية وتزامن تسليم تقرير لجنة التخاصية مع رسالة وجهها جلالة الملك إلى رئيس الوزراء دعا فيها إلى وضع تصوّر مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشرة المقبلة، وفق إطار متكامل يعزز أركان السياسة المالية والنقدية ويضمن اتساقها، ويُحسِّن من تنافسية الاقتصاد الوطني، ويُعزِّز قيم الإنتاج والاعتماد على الذات، وصولاً إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتأمين الحياة الكريمة ولفت جلالته إلى ضرورة الاستفادة مما تضمنه التقرير، ونشره ليتمكن الجميع من الاطلاع عليه، مشيراً إلى أن النجاح لا يحدد بعدم ارتكاب الأخطاء، بل من خلال القدرة على استخلاص العبر منها. وأكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية البناء على نتائج تقرير لجنة التخاصية، والاعتماد عليها في إعداد الاستراتيجيات الاقتصادية المستقبلية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص. أبرز تقرير تقييم التخاصية أن برنامج التخاصية قد حقق نجاحات مهمة تم التركيز عليها، وكان هناك بعض الإخفاقات كما جاء في التقريرأن عمليات خصخصة 4 شركات من بين 19 شركة، افتقدت للكثير من معايير الشفافية والالتزام بالممارسات الفضلى . أن التخاصية لا تعني بيع الأصول فقط بل التعاقد على الإدارة أيضاً وهو ما كان على الحكومة أن تفعله إذا كان هدفها كفاءة التشغيل وتحسن الأداء. فيتم اجتذاب المستثمر الأجنبي من أجل الإدارة والتكنولوجيا والتسويق ويساهم في ضخ الأموال اللازمة لتطوير الاداء الفني و الإداري فبعض المؤسسات التي تم خصخصتها كانت تعاني من ظاهرة التوظيف بالواسطة ، وسوء إدارة الرؤساء والمدراء المعينين ، ومعظمهم وزراء سابقون ، لا خبرة لهم بالإنتاج وإدارة الشركات والسوق العالمية وهذه حقائق لا نستطيع انكارها.
ونتائج التقرير مهمة في سياق التحضير لعدة اتفاقيات شراكة مع القطاع الخاص في مشاريع كبرى، بحيث يمكن استخدام الدروس المستفادة والأخطاء التي تم ارتكابها في مسار التخاصية والحرص على مستويات أعلى من الشفافية والأداء المهني الاحترافي في كافة الإجراءات المطلوبة. هذا الأمر يزداد أهمية عندما ندرك أنه في القطاعات التنموية المختلفة من المتوقع تطوير اتفاقيات شراكة في الثروات الوطنية بقيمة 10 مليار دينار في السنوات العشر القادمة أي أكثر من أربعة اضعاف مجمل ما تم تخصيصه حتى الآن.في ضوء ما تقدم اختم بالقول ان تجربة الشراكة بين القطاعين العام والخاص ما زالت دون مستوى الطموحات حتى الان ، و ان إخراج مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص من مجرد شعارات إلى حيز الشراكة الفعلية بات ضرورة قصوى لتجاوز تحديات المرحلة الراهنة ، وقد وجه جلالة الملك مؤخرا رسالة واضحة الى الحكومة في شكل خارطة طريق واضحة الرؤى والمعالم والأهداف ويؤكد جلالته وبشكل ملح على ضرورة قيام الحكومة بوضع تصوّر مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشرة القادمة، ركز فيها على اهمية التطبيق الفعلي لمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص . ولذلك فالمشاركة هنا يجب أن تكون في صنع القرار الإقتصادي والتشريعات على كافة المستويات والتي تهم القطاع الخاص من خلال الحوار والنقاش والإستماع لرأي القطاع الخاص في المسائل الإقتصادية كقوانين الإستثمار والضريبة والجمارك والضمان الإجتماعي وغيرها. ان الاردن بحاجة الى ثورة بيضاء كما قال جلالة الملك في اكثر من مناسبة ، ثورة في التفكير والتخطيط لمستقبل الاردن الذي نريده ولمستقبل ابنائنا وبناتنا من خلال خطة تنمية مستدامة يشارك في رسمها كافة شرائح المجتمع الاردني من القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني مع التاكيد على اهمية مشاركة الجامعات الاردنية بما يتوفر لديها من خبرات اكاديمية متميزة وكذلك الاستماع الى صوت الشباب وقادة الغد ومشاركتهم في وضع التصور حول مستقبل الاردن الذي نريد .