الطباع: سيناريو أزمة 89 قابل للتكرار مع استمرار العجز المالي

الطباع: سيناريو أزمة 89 قابل للتكرار مع استمرار العجز المالي

شارك السيد حمدي الطباع رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين في اجتماع اللجنة المالية والاقتصادية النيابية الذي عقد صباح امس الثلاثاء الموافق 3/12/2013 برئاسة سعادة النائب المهندس محمد السعودي رئيس اللجنة لمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام 2014 ، و قدم السيد حمدي الطباع وجهة نظر جمعية رجال الاعمال الاردنيين حول مشروع قانون الموازنة للعام 2014 مبينا ان هناك خلل هيكلي كبير في الموازنة العامة وفي المالية العامة الأردنية عموماً وهو أن الإيرادات المحلية ما زالت لا تغطي النفقات الجارية . فقد بلغت النفقات الجارية 6827 مليون دينار وهي أعلى من الإيرادات المحلية بحوالي مليار دينار أو مانسبته 17% . وبذلك فإن الإيرادات المحلية لا تغطي سوى 85% من النفقات الجارية ، الأمر الذي سيعني اللجوء إلى الإقتراض المحلي أو الخارجي لتغطية فارق النفقات الجارية عن الإيرادات المحلية مما يزيد الأعباء على الموازنة في شكل أقساط وفوائد. وهذا يتضمن مخاطر جمة في عدم كفاية الموارد الذاتية لتغطية الإنفاق الحكومي الجاري .وهذا ينسف ما جاء في مشروع الموازنة من تعزيز لمبدأ الإعتماد على الذات . كما ان الحكومة ما زالت منفلتة في الإنفاق الجاري وبالذات خلال الأعوام الأخيرة . فقد إرتفعت النفقات الجارية المقدرة لعام 2014 بمبلغ 673 عن النفقات الجارية المعاد تقديرها لعام 2013 وبنسبة 10% . وكان معظمها نتيجة إستمرار الدعم غير المبرر لبعض السلع . وحول النفقات الراسمالية الواردة في المشروع بين الطباع ان هذه النفقات بلغت 1268 مليون دينار مقابل نفقات معاد تقديرها بلغت 1021 مليون أي أنها زادت لعام 2014 بمبلغ 247 مليون دينار عن إعادة تقديرها لعام 2013 أي بنسبة 24% . وسيمول نصفها من المنح الخليجية والباقي من القروض الخارجية . فإلى جانب أن هذه النفقات ليست كلها رأسمالية بل تتضمن نفقات جارية كالرواتب وتعويضات الضمان والسيارات وغيرها ، فإنها وإن كان يعول عليها تنمية الإقتصاد المحلي وتحفيزه فإنها ليست مؤكدة التحقق بكاملها لإعتمادها على الخارج. وهذا ايضاً من الثغرات والعيوب التي تعتور الموازنة العامة.
وحذر من العجز المتنامي في الموازنة العامة مما قد يؤدي لا سمح الله الى ما حصل عام 1989 حيث ان الحكومة تعتمد على تغطية جزء من النفقات بالقروض والديون مع ان المديونية وصلت إلى اكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي ومرشحة للإزدياد والتفاقم مع دامت السياسة المالية الأردنية لا تعي مخاطر إزدياد المديونية العامة على الإقتصاد الأردني برمته . وقد جاء في خطاب الموازنة ان الحكومة تتوقع تحقيق نمو إقتصادي بنسبة 7.5% في أعوام 2014 -2016 ومعدل النمو لهذا العام 2013 لن يزيد عن 3% في أحسن الأحوال ولن يزيد عن هذا المعدل في ظل ظروف عدم الإستقرار في المنطقة ، وعدم توفر الظروف الجاذبة للإستثمارات الأجنبية . وقد أدمنت الحكومات المتعاقبة على الإقتراض المحلي والخارجي ، حيث أن المديونية العامة زادت منذ نهاية الربع الثالث وحتى نهاية الربع الثالث من عام 2013 بحوالي 2.6 مليار دينار أي بنسبة تنوف على 15% منها 1.3 مليار دينار مديونية داخلية وحوالي 1.3 مليار دينار ديون خارجية. ثم إن أعباء خدمة الدين العام ترتفع لتصل في عام 2014 إلى حوالي 1100 مليون دينار ( 800 مليون دينار عام 2013 ) أي مانسبته 14% من النفقات العامة ( 10 % في العام السابق ) أو ما نسبته 16% من الإيرادات المتحققة قبل العجز ( 13% في العام السابق) بعد اتفاقية سداد الديون مع نادي باريس . إن هذه النسب لأعباء الدين العام تجاوزت الخطوط الحمراء ، إذ أن الحكومة وبإعتراف وزير المالية تقترض لتمويل نفقات جارية وليس فقط لمشروعات راسمالية وبالتالي يجب إعادة النظر في السياسة المالية وتقليص النفقات العامة وتنفيذ برنامج إصلاحي وتكيفي مع الطاقة الضريبية للمواطن والموارد المتوفرة في الإقتصاد وعدم التمادي في سياسة الإقتراض.
ولا نبالغ إذا قلنا بأن تحقيق نمو إقتصادي بمعدل 7.5% لم يتم في السابق إلا في سنين الرواج والإزدهار الإقتصادي وتسارع الإستثمارات في ظل الإستقرار السياسي المحلي والإقليمي في المنطقة والإستقرار الإجتماعي والسلم الأهلي .وعليه فإن الحكومة ستواصل اللجوء إلى سياسة الإستدانة وبالتالي زيادة المديونية في الأجل القصير . إضافة إلى منافسة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على الإئتمان المصرفي اللازم لنشاطات القطاع الخاص المسؤول الأول عن التنمية الإقتصادية. وعليه فإن ماجاء في خطاب الموازنة من أن المديونية ستنخفض في الثلاثة سنوات القادمة لا تؤيده المعطيات والظروف المحلية والإقليمية والدولية لا سيما إن حافظ معدل التضخم على مستواه الحالي خلا الثلاثة أرباع الأولى من عام 2013 والبالغ 6.1% أو إرتفع عن ذلك المعدل. كذلك فإن الحكومة ليست جادة في الإصلاح الإقتصادي والمالي من جهة ضبط النفقات وإلغاء دعم السلع والخدمات وتوفيرها فقط لمستحقيها وإنما تستسهل رفع الرسوم وفرض الضرائب ورفع أسعار الخدمات والمرافق.
واكد مجددا رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين على موضوع تعدد المؤسسات الحكومية المستقلة وان الدعم للمؤسسات الرسمية المستقلة الخاسرة والمقدر بمبلغ 209 ملايين دينار بالرغم من وعود الحكومات المتعاقبة باعادة النظر بهذه المؤسسات وللاسف لم تفي الحكومات بهذه الوعود . وهناك عدد كبير من المؤسسات لا لزوم لها ولم تحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها . وبدل أن تكون رافداً للخزينة اصبحت عبئاً عليها . وبالتالي فيجب إما دمج البعض أو إلغائه وتوفير نفقاتها وخسائرها التي تلتزم بها الموازنة العامة. ويجري الحديث عن معالجة أوضاع هذه المؤسسات منذ مدة طويلة ولم يتم إتخاذ إجراءات تنفيذية في هذا الخصوص لا سيما تلك التي تحتاج إصدار تشريعات من قبل مجلس النواب لإعادة هيكلتها أو لإلغائها أو دمجها. وإعادة تفعيل المؤسسات الأخرى ورفع سوية أدائها وتحصيل ديونها .
وتساءل ايضا فيما إذا كان التركيز على جانب الإنفاق فلماذا تم فرض الضرائب أو رفعها على الملابس والهواتف والكهرباء والمحروقات وهناك مشروع قانون الضريبة التصاعدية المعروض على مجلس النواب والذي يخفض الإعفاءات للمواطنين الأفراد ويرفع الجباية الحكومية .ثم كيف تزيد النفقات الجارية بنسبة 10% ما دامت الحكومة تتبع سياسة التقشف وتخفيض النفقات؟ لابد من إتخاذ قرارت جراحية لوقف الهدر في الإنفاق الجاري وتوجيه معظمه للرواتب والاجور . إن ما يظهر من إنخفاض في النفقات المعاد تقديرها لعام 2013 بمبلغ 280 مليون دينار على أنه توفير في النفقات الجارية فالأمر ليس كذلك ، بل أنه تأجيل لمشاريع رأسمالية لم يتم تنفيذها وبالتالي فهي ليست توفير أبداً ، بل إن المشاريع المؤجلة تجاوزت 600 مليون دينار وبذلك فهناك نفقات إضافية تفوق 300 مليون دينار يتم تحميلها للموازنة. على عكس ما تدعي الحكومة بأنها إتبعت سياسة التقشف وتخفيض النفقات.
واعرب رئيس الجمعية عن خشيته من أن يؤدي المضي قدما في مشروع قانون الموازنة العامة 2014 في ظل إستمرار سياسات الحكومة الإنفاقية السابقة وصعوبة تحقيق الايرادات المستهدفة، إلى الدفع بالحكومة للجوء لفرض ضرائب جديدة لسد النقص، بهدف تحقيق الايرادات المستهدفة سيما في ظل صعوبة تخفيض النفقات الجارية وعدم ترشيد الإنفاق العام من خلال ترشيق الحكومة وزيادة كفاءتها وحاكميتها وعدم الإسراع في إعادة هيكلة ودمج بعض المؤسسات والدوائر المستقلة وإلغاء البعض الآخر .ان طلب الحكومة من كافة الوحدات الحكومية بما فيها الوزارات أن لا يقل الضبط والترشيد عن (15%) من النفقات الجارية وان لا يقل عن(10%) من النفقات على المشاريع الرأسمالية غير الممولة من المنح ، يمكن القول في هذا المجال بأن هذا الطلب سيكون مصيره كمصير الطلبات في السنوات السابقة حيث لم تمتثل الوزارات والمؤسسات الحكومية بترشيد نفقاتها وبالتالي تخفيض العجز في الموازنة.
وفي نهاية الاجتماع طلبت اللجنة المالية في مجلس النواب وجهة نظر جمعية رجال الاعمال الاردنيين تجاه دمج او الغاء او الابقاء على المؤسسات المستقلة .