حوار: عمر القضاه
اكد معالي السيد حمدي الطباع رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين ورئيس اتحاد رجال الاعمال العرب ان الاردن يعيش في وضع اكبر من امكانياته المادية، مشيرا الى انه يجب اعادة النظر في نهج حياة المواطن الاردني من خلال ايجاد الخدمات العامة التي تمنح المواطنين راحة في العيش دون تكاليف كبيرة فمثلا النقل العام يجب العمل على تطويره بحيث يكون بديلا للسيارات المنتشرة.
وبين الطباع خلال لقاء مع «الدستور» ان اسم المنحة من اي دولة عربية في زمن الربيع العربي يجب ان ينتهي، فبين الإخوان ليس هناك منح بل تعاون وتشارك، فالعلاقات المتميزة بين الأردن وقطر والتي أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالله الثاني والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تتجاوز كلمة أو تعبير منحة وإنما هي بمثابة تعاون وتعاضد بين الأشقاء، كما هو الحال مع الأردن عندما يقدم خبرات خيرة أبنائه للمساهمة في تنمية وتطور دول الخليج العربي في مختلف المجالات إيماناً من الأردن قيادة وشعبا بأن دول الخليج العربي سند وظهير الأردن أمنها من أمنه واستقرارها من استقراره، بمعنى آخر أن هناك مصلحة مشتركة بين الجانبين بمثل هذا التعاون .
واكد ان الاقتصاد الاردني فقد البوصلة لعدم وجود سياسة اقتصادية ثابتة والمشكلة الكبرى ان الاقتصادات العالمية تراجعت وكثير من دول الجوار تعاني من عدم الاستقرار واسعار النفط باتت عالية وتشكل عبئا على الاقتصاد الاردني ويجب العمل على برنامج اقتصادي وطني يتفق عليه الجميع من خلال مؤتمر اقتصادي وطني يخرج عنه برنامج وطني ملزم للحكومات المتعاقبة، وفي ما يلي نص اللقاء…
*ما اسباب تراجع نسب نمو الاقتصاد الاردني عن النسب المتوقعة في كل عام وكيف يمكن زيادة تلك النسب بحسب رأيكم؟
– نسب النمو المعلنة في كل عام بعد اقرار الموازنة العامة تعتمد على امور عديدة ومنها حجم المشاريع الاستثمارية المحركة للاقتصاد ولكن يُلاحظ في السنوات الاخيرة تراجع المبالغ المرصودة للمشاريع الاستثمارية بسبب المديونية المتزايدة وتزايد العجز في ظل ارتفاع الفاتورة النفطية، وهناك عامل اخر حيث ان الحكومة تضع موازنة الدولة على اساس الموارد المحلية المتوقعة ثم المنح والقروض التي لا تلتزم فيها الكثير من الدول مما يجعل اجهزة الدولة تقدر الميزانية عليها ونسب النمو وفي حال عدم وصول المساعدات والمنح لا تتحقق نسبة النمو المتوقعة لذلك العام.
* كيف يمكن للحكومة أن تخفف العجز المالي في الموازنة؟
– باعتقادي ان جزءا من قضية تزايد العجز المالي في الموازنة – اضافة الى ما ذكرت سابقا – يعود لضعف الكفاءة في ادارة مالية الدولة، حيث ان الادارة هي الاساس ولم نوفق في الاردن بادارة اقتصادية جيدة وكان هناك دعوة للاصلاح الاقتصادي من خلال تشكيل لجنة الحوار الاقتصادي والتي خرجت بالعديد من التوصيات تضمنت سبل تخفيف النفقات وزيادة الايرادات وتحفيز الاقتصاد، ساهم باخراجها العديد من رجال الاقتصاد والاكاديميين الا ان التوصيات بقيت في الادراج ولم تر النور والحديث عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص جميل ولكن على ارض الواقع لا نلمس في كثير من الاحيان آثاره خاصة في مجال سن القوانين الاقتصادية حيث لا شراكة حقيقية في صنع القرار مما يستوجب وجود تعاون حقيقي ويكون هناك مؤسسية في التعاون وليس محكوما بمزاجية اعضاء مجلس الوزراء.
* ما مدى تأثر القطاع الخاص الاردني بما يحدث في دول الجوار؟
– الاردن يمر باسوأ ازمة اقتصادية في ظل ارتفاع فاتورة النفط وما تمر به كثير من دول الجوار من ازمات سياسية ادت الى فقداننا تلك الاسواق حيث انخفضت الصادرات الى العراق واستيراد النفط العراقي عن طريق البر يؤدي الى زيادة الكلفة ، فف اجتماعات اللجنة الاردنية العراقية العليا بيّن الجانب العراقي ان انبوب النفط الذي سيمتد الى الاردن اتخذ به قرار وينتظر التنفيذ، واعتقد ان انبوب النفط الممتد الى الاردن من العراق سيخدم الاقتصاد العراقي بحيث يمكنهم استخدام الميناء الاردني لتصدير النفط باعتباره اكثر ميناء أمانا في المنطقة، وبالنسبة للسوق السوري فهو من الاسواق التي اغلقت في الوقت الحالي بسبب الاحداث السياسية التي تمر بها سوريا ونأمل ان تعود الى طبيعتها قريبا ، وبقي امام الاردن السوق السعودي الذي يشهد منافسة كبيرة.
* كيف يمكن للاقتصاد الاردني ان يتحول من اقتصاد ريعي الى اقتصاد انتاجي يعمل على زيادة توفير فرص العمل؟
– في البداية الاقتصاد الاردني يعتمد بدرجة كبيرة على قطاع الخدمات الى جانب القطاع الصناعي الى حد ما ، وهنا يجب ان يقال ان الاردن يمتلك الكفاءات التي اهلته لدخول اسواق العمل العربية كافة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والسياحة والخدمات البنكية، ولغاية الان اعتقد انه لا يزال هناك مساحات يمكن الاستثمار فيها خاصة في قطاع الخدمات وعلى سبيل المثال في مجال السياحة يجب العمل على زيادة السياحة العربية والتركية وغيرها الى الاردن فتصبح الوفود السياحية متبادلة بين الجانبين وليس باتجاه واحد كما هو حاصل الان ، وفي مجال التعليم العالي يمكن تأسيس جامعات متخصصة على مستوى الوطن العربي، مما يدفعنا الى التأكيد انه يمكن الاستثمار الحقيقي في مجال الخدمات الامر الذي يزيد من فرص العمل ويتوفر للاردن فيه ميزة نسبية على مستوى المنطقة . كما انه يجب تكثيف جهود جذب الاستثمارات لاقامة المشاريع الانتاجية التي تساهم في زيادة نسبة النمو الاقتصادي وتوفر فرص العمل .
* كيف يمكن زيادة نسب الاستثمار في القطاعات المختلفة في ظل الحديث المكثف عن الفساد؟
– الحديث عن الفساد بهذا الشكل الحاصل حاليا في وسائل الاعلام ينعكس سلبيا على ثقة المستثمر الاجنبي بالاستثمار في الاردن وقد حذرنا من الحديث حول الفساد ونشر الشائعات التي لا اساس لها من الصحة، ولهذا يجب العمل ضمن القنوات القانونية دون تهويل الامر بحيث يأخذ القضاء مجراه ودائرة مراقبة الشركات وديوان المحاسبة ، وللحقيقة لم يتم مناقشة قضايا جدية في موضوع مكافحة الفساد، ونواجه الكثير من الاستفسارات من قبل المستثمرين حول حسم بعض قضايا الفساد وكيف يمكن للاموال المستثمرة ان تـُحمى من الفاسدين والعابثين بأمن الوطن الاقتصادي؟
* كيف ترى الاستثمار الكويتي في الأردن؟
– الاستثمار الكويتي ما زال في المقدمة ضمن الاستثمارات العربية في الاردن ويلاحظ تنوع هذه الاستثمارات في مجال الخدمات والبنوك والجامعات ونأمل في زيادتها باستمرار الاصلاح الاقتصادي وانجاز التشريعات الاقتصادية الهامة وفي مقدمتها قانون الاستثمار.
* كيف يؤثر النمط الاستهلاكي والمعيشي على الاقتصاد؟
– الاردن يعيش اكبر من امكانياته المالية ولابد ان تقوم الحكومات بدراسة نهج حياة المواطن الاردني وتغيير بعض أنماط المعيشة من خلال توفير الخدمات العامة التي تمنح المواطنين راحة في العيش دون تكاليف كبيرة فمثلا النقل العام يجب العمل على تطويره بحيث يكون بديلا للسيارات المنتشره بكثرة مزعجة في الشوارع.
* كيف تنظر للحراك الشعبي والاعتصامات عبر السنتين الماضيتين؟
– الحراك الشعبي والربيع العربي جاء على بعض الدول العربية بعد قحط وجفاف الديمقراطية في تلك الدول واما في الاردن فان الشعب الاردني تمتع بتلك الديمقراطية منذ تأسيس الامارة الى يومنا الحاضر، وان حراك الاردن الممتد عبر الاشهر الماضية يدل على حالة صحية في الاردن وسبب توجه المواطنين الى الشارع هو البطء في تحقيق الاصلاح السياسي حيث لا يلمس المواطن تقدما ملحوظا وخاصة في التوصيات التي صدرت عن لجنة الحوار الوطني التي لم تر النور واعتقد ان السلطتين التنفيذية والتشريعية هي المسؤولة عن البطء في تقدم الاصلاح السياسي والاقتصادي .
* ماذا عن المنح القطرية التي قدمت للاردن؟
– لقد قدمت قطر و دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة مشكورة التزاما بدعم الاقتصاد الاردني من خلال صندوق مجلس التعاون الخليجي، حقيقة لا ارغب ان اسمع اسم المنحة من اي دولة عربية في زمن الربيع العربي فبين الإخوان ليس هناك منح بل تعاون، فالعلاقات المتميزة بين الأردن وقطر والتي أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالله الثاني والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تتجاوز كلمة أو تعبير منحة وإنما هي بمثابة تعاون وتعاضد بين الأشقاء، كما هو الحال مع الأردن عندما يقدم خبرات خيرة أبنائه للمساهمة في تنمية وتطور دول الخليج العربي في مختلف المجالات إيماناً من الأردن قيادة وشعبا بأن دول الخليج العربي سند وظهير الأردن، أمنها من أمنه واستقرارها من استقراره، بمعنى آخر أن هناك مصلحة مشتركة بين الجانبين بمثل هذا التعاون.
ومن الضروري أن المنحة التي ستقدم للأردن سوف تستخدم لتمويل المشاريع التنموية التي اتفقت الحكومة الأردنية مع صندوق النقد الدولي على تنفيذها وحاجة الأردن للاستثمار في البنية التحتية الأساسية في قطاعات التعليم والمياه والطاقة.
ولا بد في موضوع المنح العربية ان يكون هناك التزام حقيقي عربي بتقديم تلك المنح للاردن حيث يتم وضع موازنات الدولة على اساس واقع موجود وليس افتراضا.
* كيف ينظر القطاع الخاص الى المشاريع ما بين الاردن ودول الخليج؟
– إن مجتمع الأعمال الأردني إذ يرحب بإقامة هذه المشاريع التي تشكل ضرورة قصوى وجزءاً من استراتيجية طويلة المدى لتنمية الاقتصاد الوطني ومواجهة المعوقات والصعوبات التي تعاني منها مختلف القطاعات الاقتصادية وتؤثر سلبيا على تنافسية الاقتصاد الوطني، وحيث إن القطاع الخاص في الأردن يعتبر محرك عجلة التنمية فلا بد من مشاركة القطاع الخاص الأردني في اللجان المزمع تشكيلها لوضع الخطط التنفيذية وبرامج هذه المشاريع كما نرى أنه يجب أن يتم إعداد تقرير ربعي للجان للاطلاع على ما تم إنجازه من خطط العمل وحتى يطلع المواطن الأردني على أوجه استخدام هذه المنحة والفائدة التي ستنعكس على مستوى معيشة المواطن بفضل هذه المشاريع الحيوية المهمة للاقتصاد الوطني والمواطن على حد سواء.
* كيف يمكن للاردن ان يقنع المانح العربي والاجنبي بان الاموال التي سيقدمها ستسير بالاتجاه السليم؟
– يجب ان يكون هناك فريق نظيف في الاجهزة المسؤولة بالاضافة الى تشكيل لجنة بين الجهة المانحة والاردن من جهة محايدة وبعيدة عن الحكومات حيث ان الحكومات تتغير بسرعة مما يؤدي الى ارباك العمل ونتنمى ان تكون ادارة تلك المنح ضمن اللجنة المشتركة لضمان صرفها بالاتجاه الصحيح.
* ما هو اثر اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا وخاصة على القطاع الصناعي الاردني؟
– الاتراك ينظرون الى الاردن كدولة شقيقة ولم ينظروا اليها كسوق يرغبون باكتساحه حيث منعوا بعض المنتجات التركية من الدخول الى الاردن الا بعد عشر سنوات من تطبيق الاتفاقية في حين ستدخل المنتجات الاردنية الى السوق التركية فور تطبيق الاتفاقية متمتعة باعفاءات ضريبية وجمركية مما يؤكد ان الاتراك يتطلعون الى تعاون وشراكة وتكامل مع القطاع الخاص في الاردن .
* قمة الرياض ما هي الاستعدادات لها؟
– لم نبلغ بعد عن اي اجتماع للجان الفنية التحضيرية لهذه القمة حيث ان الجهة المنظمة لم ترسل الدعوات الرسمية الخاصة بذلك بعد.
* الاقتصاد الاردني الى اين؟
الاقتصاد الاردني فقد البوصلة لعدم وجود سياسة اقتصادية ثابتة والمشكلة الكبرى ان الاقتصادات العالمية تراجعت وكثير من دول الجوار تمر بحالة من عدم الاستقرار واسعار النفط عالية وتشكل عبئا على الاقتصاد الاردني ويجب العمل على برنامج اقتصادي وطني يتفق عليه الجميع من خلال مؤتمر اقتصادي وطني يخرج ببرنامج وطني ملزم للحكومات المتعاقبة.
التاريخ : 09-10-2012