دعا رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب حمدي الطباع، البلدان العربية لتبني استراتيجيات عربية إنمائية وطنية تعطي الأولوية لتحقيق النمو بالإنتاجية وإدخال أساليب التكنولوجيا الحديثة بعمليات الإنتاج.
ودعا الطباع في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى تبني استراتيجيات تسهم في تعزيز الأمن الغذائي وتعزيز المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية الأساسية، بخاصة في ظل التخوفات من التغير المناخي وتداعياته على الأمن الغذائي وتقلبات أسعار الغذاء بشكل مستمر.
وشدد رئيس الاتحاد الذي يتخذ من العاصمة عمان مقرا له، على ضرورة التركيز على الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية ودعم التحول الرقمي في الوطن العربي والاستثمار بشكل أكبر في رأس المال البشري مع التركيز على المهارات والتعليم ومواكبة التطورات في سوق العمل وذلك لتخفيف معدلات البطالة الناجمة عن الاختيارات الخاطئة للمسارات التعليمية.
وأكد أهمية تبني استراتيجيات تزيد من كفاءة إدارة المال العام وتنويع مصادر الدخل لضبط الأوضاع المالية وضمان استدامتها، وتعزيز فاعلية السياسات النقدية المطبقة لزيادة متانة الأنظمة المالية المنظمة لعمل مختلف المؤسسات المالية من بنوك وأسواق مالية وشركات تأمين ومحلات صرافة وبما يسهم في تقليل درجة تأثرها بمختلف الصدمات الخارجية الناجمة عن أزمات مالية واقتصادية عالمية.
وأشار الطباع الى أن الوطن العربي يحتاج الى التركيز على تنفيذ المشاريع التنموية خاصة المشاريع الاستراتيجية ومشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبما يعزز تحقيق النمو الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة، مع تبني برامح للإصلاح الاقتصادي بهدف تعزيز مستويات التنويع الاقتصادي ودعم القطاع التصديري وزيادة تنافسية المنتجات العربية ورفع قدرتها على المنافسة مع المنتجات البديلة على مستوى الدول الأخرى.
وحول الدور المطلوب من مجتمع الأعمال العربي، أشار رئيس الاتحاد إلى أهمية مساهمته في توفير فرص العمل وتوظيف العمالة المحلية في المنطقة العربية من خلال خلق فرص عمل جديدة من الاستثمار، إلى جانب النهوض بالاقتصاد العربي وتحسين البنى التحتية وتحقيق التنمية المستدامة.
وأكد أهمية أن يسهم مجتمع الأعمال العربي في دعم المشاريع الاجتماعية ودعم الابتكار والتكنولوجيا والاستثمار في الشركات الناشئة ودعم الأبحاث العلمية وتحسين الإنتاجية من خلال تطوير عمليات الإنتاج ودعم الصادرات وتحسين جودة المنتج المحلي وتوسيع نطاق التجارة الخارجية.
ورأى الطباع ضرورة أن يتم توجيه سياسات الدول العربية خلال الأعوام المقبلة صوب تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمارات في البنى التحتية وتوليد فرص عمل جديدة والحد من البطالة والتصدي لجيوب الفقر ودعم التحول الرقمي وتطوير البنى التحتية الرقمية لمواكبة التطورات السريعة بمجالات التحول الرقمي على المستوى الدولي وتعزيز الاستثمار الأجنبي ودعم سياسات الانفتاح التجاري.
وقال “على الرغم من وجود العديد من النماذج الناجحة لمساهمة القطاع الخاص باقتصاديات المنطقة العربية إلا أن القطاع الخاص لا يزال يحتاج الى المزيد من التمكين والدعم ليتمكن من أداء دوره المهم والمحوري في تحقيق التنمية الاقتصادية”.
ويحتاج القطاع الخاص الى أن يتم توجيه التشريعات والسياسات نحو إزالة العقبات التي يواجهها ليتمكن من النمو والتطور والتوسع في أعماله وأنشطته، الى جانب تبني آليات تساهم في تحفيز الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية وبتكاليف تنافسية، الى جانب السعي الجاد نحو تأسيس شراكات حقيقية بين القطاعين الخاص والعام وليتمكن القطاع الخاص في الوطن العربي من المساهمة الفاعلة في النمو الاقتصادي ومواصلة أداء دوره الهام في خلق فرص عمل جديدة.
وأكد أهمية دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي من خلال إيجاد برامج تمويلية مناسبة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة والمساهمة في تحويل الأفكار الإبداعية الى مشاريع إنتاجية ذات جدوى اقتصادية على أرض الواقع، والعمل على توفير بيئة أعمال داعمة ومشجعة للاستثمار خاصة وأن تعزيز بيئة الأعمال تسهم بشكل مباشر في تمكين القطاع الخاص من النمو والازدهار والتوسع.
وقال “للقطاع الخاص دور مهم وأساسي في مختلف المجالات سواء كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، الى جانب دوره في تحقيق التنمية المستدامة كشريك في توليد فرص العمل من خلال المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات، ودوره المجتمعي ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية، والمتمثلة بمحاربة جيوب الفقر والتصدي للبطالة”.
وفيما يخص معدلات التجارة البينية العربية، أشار الطباع إلى أن الدول العربية تتمتع بإمكانيات كبيرة وهناك العديد من الفرص التصديرية غير المستغلة بعد والتي يمكن من خلالها زيادة حجم التبادل التجاري العربي البيني والذي لا يزال يشكل نسبة متواضعة، لافتاً الى أن قيمة مساهمة الدول العربية في الصادرات العربية تبلغ ما نسبته 11 بالمئة بينما تبلغ نسبة مساهمة الدول العربية في المستوردات 13.7 بالمئة.
وقال “بلغ متوسط التجارة البينية العربية خلال عام 2021 ما قيمته نحو 113 مليار دولار مقارنة مع 96 مليار دولار خلال عام 2020، بينما بلغت الصادرات البينية العربية خلال نفس الفترة ما يقارب 114 مليار دولار، مقارنة مع 99 مليار دولار بعام 2020، فيما بلغت المستوردات البينية العربية 111 مليار دولار مقارنة مع نحو 93 مليار دولار عام 2020”.
وأضاف الطباع ” عند مقارنة أداء التجارة العربية البينية خلال الفترة 2020 و2021، نلاحظ تحسناً في المؤشرات بمعدل 17.5 بالمئة كمتوسط و15.3 بالمئة كصادرات بينية عربية، و19.7 بالمئة كمستوردات بينية عربية”.
وبين أن التحسن في أداء التجارة العربية السلعية جاء جراء تقليل القيود المفروضة خلال جائحة فيروس كورونا وارتفاع أسعار النفط وتعافي الأنشطة الاقتصادية بمختلف القطاعات الاقتصادية.
وقال الطباع “على الرغم من ذلك التحسن، لا يزال الهيكل السلعي للصادرات العربية البينية غير منوع بالشكل الكافي حيث شكلت التجارة البينية للنفط الخام خلال عام 2021 ما نسبته 4.1 بالمئة من متوسط قيمة التجارة البينية العربية والباقي يتوزع على سلع صناعية أو زراعية”.
وأضاف “فيما يتعلق بتجارة السلع الزراعية العربية البينية انخفضت قيمة التجارة الزراعية العربية البينية لنحو 39 مليار دولار وبمعدل تراجع بلغ 4.5 بالمئة خلال عام 2020 وفقاً لأحدث بيانات صادرة عن التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022 الذي أعده صندوق النقد العربي”.
وبين أن التجارة الزراعية البينية لم تشهد تطوراً ملحوظاً منذ سنوات عديدة وتشكل صادرات كل من الإمارات والسودان ومصر والأردن نحو 77 بالمئة من إجمالي قيمة الصادرات البينية، جراء المنافسة الشديدة مع السلع المستوردة الزراعية مما يجعل نسبة مساهمة التجارة البينية من إجمالي التجارة الزراعية العربية أقل من مستوى الطموحات.
وأشار الطباع الى وجود العديد من المعوقات التي تحد من تدفق السلع والخدمات بين الدول العربية بمقدمتها العوائق الجمركية واختلاف الأنظمة والتعليمات وشروط الاستيراد والتصدير مما يجعل هناك تبايناً في الكُلف الى جانب المعوقات اللوجستية وغير الجمركية.
وأشار الطباع الى وجود العديد من المعوقات التي تحد من تدفق السلع والخدمات بين الدول العربية بمقدمتها العوائق الجمركية واختلاف الأنظمة والتعليمات وشروط الاستيراد والتصدير مما يجعل هناك تبايناً في الكُلف الى جانب المعوقات اللوجستية وغير الجمركية.
ولفت رئيس الاتحاد إلى معوقات أخرى تتمثل بضعف القدرة الإنتاجية للقطاعات الصناعية في عدد من الدول العربية، وعدم الاستفادة بشكل كامل من المزايا التي تتيحها الاتفاقيات التجارية التي ترتبط بها الدول العربية.
وأكد الطباع أن تعزيز التجارة العربية البينية يعد من الأهداف الأساسية للعمل العربي المشترك لأهميته الكبيرة في تعزيز التكامل الاقتصادي العربي وتقوية العلاقات التجارية بين الدول العربية.
وأشار إلى أن أكثر ما يثير قلق مجتمع الأعمال العربي هو أزمة الديون التي تواجهها البلدان النامية والتي تعد الدول العربية أحدها خاصة مع وجود ارتفاع ملحوظ في المديونية، مبينا أن معدلات نمو الإنتاجية في المنطقة العربية منخفضة مقارنة بباقي دول العالم خاصة بالعقد الأخير لا سيما بمجالات الصناعة التحويلية.
وحول مسار الاقتصاد العربي خلال العام الماضي، أوضح الطباع أن الاقتصاد العربي تأثر خلال العام الماضي بالأزمات العالمية المتصلة بموجات التضخم وارتفاع معدلات الفائدة والأزمة الروسية- الأوكرانية، وما نتج عنها من تقلبات في أسعار الطاقة وضغوطات على سلاسل الإمداد، بالإضافة للتغير في توجهات المصارف المركزية العالمية في إدارة السياسة النقدية.
وحول مسار الاقتصاد العربي خلال العام الماضي، أوضح الطباع أن الاقتصاد العربي تأثر خلال العام الماضي بالأزمات العالمية المتصلة بموجات التضخم وارتفاع معدلات الفائدة والأزمة الروسية- الأوكرانية، وما نتج عنها من تقلبات في أسعار الطاقة وضغوطات على سلاسل الإمداد، بالإضافة للتغير في توجهات المصارف المركزية العالمية في إدارة السياسة النقدية.
وقال الطباع “فيما يتعلق بأسواق المال العربية وعلى الرغم من التراجع في عدد من المؤشرات إلا أن بعضها شهد نوعاً من التحسن، فحققت البورصة المصرية أداء جيداً خلال العام الماضي 2022 مقارنة بباقي أسواق الشرق الأوسط وكذلك شهدت أسواق السعودية والإمارات استثمارات إيجابية في السوق المالي”.
وأضاف أن البنك الدولي وصف 2022 بأنه عام عدم اليقين على الرغم من تحقيق التعافي الاقتصادي، حيث يتوقع استمرار ارتفاع التضخم ومواصلة رفع أسعار الفائدة وما يفرضه ذلك من تداعيات سلبية الى جانب احتمالية حدوث أزمات غير متوقعة في 2023، على غرار انهيار بعض البنوك، مؤكدا أن ذلك سيؤثر بالطبع على الاقتصاديات العربية بشكل سلبي خلال العام الحالي خاصة فيما يتعلق بتحقيق توقعات النمو الاقتصادي.
ولفت رئيس الاتحاد لمسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا)، الذي توقع ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية خلال العام الحالي بشكل أكبر مقارنة مع باقي دول العالم لتبلغ 12 بالمئة، لكنها قد تتراجع بشكل طفيف خلال السنوات المقبلة بفعل جهود الدول العربية بالتعافي وتبني خطط التحفيز الاقتصادي.
وبين الطباع أن تقرير (الاسكوا)، توقع كذلك أن تتأثر الدول العربية بالضغوط التضخمية، إلى جانب وصول نسبة الديون الحكومية من الناتج المحلي الإجمالي في الوطن العربي ما نسبته 94.7 بالمئة خلال العام الحالي 2023، مقارنة مع 92.2 بالمئة العام الماضي.
وقال “بشكل عام ومع الأخذ بعين الاعتبار مختلف الظروف الاقتصادية الراهنة فإن التوقعات تشير الى احتمالية أن تحقق المنطقة العربية معدلات نمو تبلغ 4.5 بالمئة بالعام الحالي، و3.4 بالمئة خلال العام المقبل 2024”.
ولفت الطباع الى أن اتحاد رجال الأعمال العرب هو أحد مؤسسات العمل العربي المشترك والذي تأسس في عام 1997 ليكون بمثابة مظلة لرجال الأعمال من مختلف الدول العربية، ويسعى لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي والترويج للبيئة الاستثمارية وتوفير بيئة مناسبة للأعمال وتشجيع الاستثمارات بالمنطقة.
ويحرص الاتحاد على تنظيم المؤتمرات والندوات الاقتصادية والاستثمارية والتي يهدف من خلالها الى التشبيك بشكل أكبر بين مختلف رجال الأعمال والمستثمرين من مختلف الدول العربية، والتعريف بأهم الفرص الاستثمارية المتاحة بالقطاعات الاقتصادية الواعدة في الوطن العربي.
ويشكل أعضاء الاتحاد نخبة مجتمع الأعمال العربي في الدول الأعضاء ويمثل 15 جمعية ومؤسسة ممثلة للقطاع الخاص في عدد من الدول من أهمها الأردن ومصر والعراق ولبنان وسوريا وليبيا والكويت وفلسطين واليمن والمغرب والسودان والبحرين وقطر والجزائر والسعودية.
ويسعى الاتحاد من خلال أنشطته المتنوعة إلى الترويج لإقامة مشروعات عربية مشتركة وتمثيل مصالح رجال الأعمال العرب في المنابر الاقتصادية الإقليمية والدولية كونه يتمتع بعلاقات متميزة مع الجمعيات النظيرة في العديد من البلدان من خلال مجالس أعمال واتفاقيات تعاون مشتركة.