أكد خبراء اقتصاد أن ورشة العمل التي أعلن عنها جلالة الملك عبدالله الثاني سوف تدعم وجود رؤية شاملة وخريطة طريق محكمة للسنوات المقبلة ما يسهم في الحد من تعدد الخطط والتسويف بالتنفيذ من قبل الحكومات خصوصا وأن الأردن لا يمتلك ترف الوقت لمعالجة التحديات الاقتصادية.
وكان جلالة الملك وجه رسالة للمواطنين بمناسبة عيد ميلاده الستين لوضع رؤية وطنية شاملة لتؤسس خريطة اقتصادية عابرة للحكومات.
بدوره، قال وزير الدول لشؤون الاستثمار الأسبق مهند شحادة أن “ورشة العمل التي وجه جلالة الملك عبدالله الثاني الديوان الملكي للبدء بتنظيمها لوضع رؤية شاملة تؤسس لخريطة اقتصادية عابرة للحكومات ومسار نحو معالجة التحديات الاقتصادية”.
وأكد شحادة أن أهم معضلة تواجه الاقتصاد الأردني اليوم تتمثل في تعدد الخطط والتسويف بالتنفيذ، مشيرا الى أن هنالك خططا وضعت للأردن 2020-2025 ثم خطة التحفيز الاقتصادي 2018-2022 ثم دولة الإنتاج والقانون وبعدها البرنامج الأخير للحكومة الحالية وهذا كله في غضون آخر 6 سنوات.
وأوضح شحادة أن الحل اليوم يتمثل بـ “مطبخ مركزي” يضع خطة وأولويات اقتصادية مبنية على الواقع والإمكانيات وتكون ضمنيا عابرة للحكومات ومتابعة من قبل جلالة الملك كما ذكر في رسالته الأخيرة التي وجهها للأردنيين.
وقال شحادة “وجود مركزية ومتابعة من قبل الديوان الملكي هي نصف الحل للمعضلة الاقتصادية وتعزز لمسار الإصلاح الاقتصادي” مشددا على أهمية أن تكون الرؤية نابعة من الواقع والإمكانيات وليس خطة مالية مبنية على احتياجات الموازنة.
وأوضح شحادة أن الرؤية الشمولية للاقتصاد الوطني والتي ستكون موجودة بالديوان الملكي وتحظى بمتابعة شخصية من جلالة الملك عبدالله الثاني حتما سيكون لها آثار إيجابية في بيئة الأعمال والاستثمار بالمملكة ولن تكون متأثرة باحتياجات الحكومة الآنية.
وقال شحادة “عند النظر الى السياسة الخارجية للدولة الاردنية الكل يشهد بأننا تفوقنا على أنفسنا والسبب في ذلك ان هذه السياسة “مطبخها” ومتابعتها ومركزها بيت الاردنيين وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني”.
واضاف ان الاردن يحتاج اليوم الى رؤية اقتصادية شاملة محورها تحقيق نمو اقتصادي بما لا يقل عن 6 % خارج عن المألوف والمعتاد مبنية على تحفيز قطاعات اقتصادية حيوية في مقدمتها الزراعة والسياحة والتكنولوجيا المتقدمة، والطاقة المتجددة والقطاع الطبي.
وقال وزير الصناعة والتجارة والتموين الاسبق د.طارق الحموري إن “التغير في الخطط والإستراتيجيات على الاقل في الخطوط العريضة بشكل كبير ومستمر بتغير الحكومات يؤدي إلى استنزاف الموارد”.
واضاف “عندما تكون هنالك رؤية وطنية شاملة اقتصادية للدولة وليس للحكومات، ومتوقع من الحكومات ان تسير عليها وقد تعدل عليها ولا تأتي بخطة جديدة وذلك بحسب المتطلبات والمتغيرات والاحتياجات للدولة وتبقى محاورها وأهدافها الأساسية ثابتة”.
وأشار الحموري إلى أن وجود رؤية وطنية عابرة للحكومة سيكون لها انعكاسات إيجابة على واقع الاقتصاد الوطني وبيئة الأعمال.
وأوضح الحموري أن أهم الإشكاليات التي تواجه القطاع الخاص انه غير قادر على بناء إستراتيجيات قصيرة المدى بحكم انه لا يعلم التغيير المقبل نتيجة تغير القرارات وليس التشريعات.
وقال “وجود رؤية شاملة تعتبر خطوة بالاتجاه الصحيح لتمكين القطاع الخاص من بناء إستراتيجيات والخطط المستقبلية خصوصا في حال ثبات المنظومة وإجراءاتها وقواعد اللعبة القتصادية”.
وزاد “ان وجود الرؤية ايضا يمكن المواطن من تقييم عمل الحكومة وبالتالي يؤسس لمرحلة جديدة من الثقة بين الحكومة والمواطن” داعيا القطاع العام والخاص الى اهمية تبني المخرجات والعمل على تطبيقها ونجاحها بما ينعكس ايجابا على واقع الاقتصاد الوطني.
وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية النائب خير أبوصعيليك إن “وجود رؤية وطنية عابرة للحكومات سيكون لها انعكاسات إيجابية على واقع الاستثمار وبيئة الاعمال بالمملكة”.
وقال أبو صعيليك “مر على الاردن منذ عام 2014 اربع حكومات وجاءت بأربع خطط اقتصادية وفي كل مرة الحكومة التي تأتي بالحكومة السابقة لا تمارس ولا تقوم بالاستمرار والبناء على الخطة السابقة”.
واضاف “عندما تقوم كل حكومة بوضع خطة كان يمضي عام على الأقل قبل تقديم خطتها “مؤكدا أهمية وجود رؤية وطنية عابرة للحكومات خصوصا ان الاردن لا يمتلك ترف الوقت ويحتاج الى استمرارية بالخطط للمضي نحو مسار تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.
وقال أبو صعيليك إن المؤسسات بالأردن خلال الفترة الماضية كانت تعمل على شكل جزر منفصلة ولا يوجد رابط بينها مشيرا إلى أهمية الرؤية التي تحدث عنها جلالة الملك عبدالله الثاني بأنها تشكل رابطا بين المؤسسات حتى تعمل بشكل جماعي ومتجانس.
وبين أن عوامل نجاح الرؤية الوطنية متعددة في مقدمتها استعادة الثقة مع المواطن وهذا يتطلب من المسؤول أن يكون منفتحا على الإعلام ويتحدث بكل شفافية ووضوح اضافة الى تقوية المسؤول وتحصين قراراته بعد ان تكون مدروسة، مشددا على أهمية التوازن بين تحصين المسؤول والمساءلة ضمن أحكام القانون.
وبين أن مجلس النواب سيتفاعل بشكل إيجابي مع هذه الرؤية وسيقدم المقترحات اللازمة لإنجاحها في ظل عدم وجود خيارات اخرى لذلك في ظل ارتفاع المديونية ومستويات البطالة.
وأشاد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع بمضامين رسالة جلالة الملك بمناسبة عيد ميلاده الستين والتي تُرسي دون شك قواعد الشراكة الحقيقية بين القطاع الخاص والعام وتُعلن مرحلة جديدة برؤية عصرية عابرة للحكومات.
وبين الطباع بأن التوجه نحو رسم خريطة الطريق في الإصلاح الاقتصادي وتحديد معالم واضحة لخطة اقتصادية محددة الأهداف هو جُل ما يصبو له القطاع الخاص الأردني الذي عانى منذ سنوات عديدة من تعدد القرارات وتغير القوانين والتعليمات التي سببت له الإرباك وأثرت على سير عمله.
وأكد الطباع أن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز ثقة المستثمرين في البيئة الاستثمارية الأردنية وتبث الطمأنينة لديهم بأن التشريعات مستقرة وأن تعاقب الحكومات وتغيرها مع الزمن لا يؤثر على سير أعمالهم، فوجود نهج ثابت يُعمل به من خلال أصحاب القرار يُعزز من كفاءة تنفيذ الخطط الاقتصادية وانعكاسها ايجاباً على أداء الاقتصاد الوطني كما ويساعد القطاع الخاص على تجاوز التحديات والصعوبات التي تواجهه.