جمعية رجال الأعمال الأردنيين تشارك في ندوة حول محركات النمو الاقتصادي بذور لأفكار عملية

جمعية رجال الأعمال الأردنيين تشارك في ندوة حول محركات النمو الاقتصادي بذور لأفكار عملية

شارك رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع في ندوة منتدى الفكر العربي والتي تم تنظيمها عبر تقنية الاتصال المرئي لمناقشة كتاب “محركات النمو الاقتصادي. بذور لأفكار عملية”، الصادر عن دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، للمستشار الاقتصادي والمالي والمصرفي المدير العام السابق لجمعية البنوك في الأردن د. عدلي قندح يحلل فيه بأسلوب علمي أبرز محركات النمو الاقتصادي في الأردن خلال العقود الخمسين الماضية. ويحاول استشراف المستقبل فيما يتعلق بالقطاعات الرائدة التي يمكن ان تقود النمو في السنوات والعقود المقبلة في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة وبعد الثورة الصناعية الرابعة وبعد جائحة كورونا، وأدار الندوة أمين عام المنتدى د. محمد أبو حمّور.

وأكد الطباع خلال اللقاء على أهمية الكتاب القيم والذي سيكون مرجع اقتصادي هام لمجتمع الأعمال الأردني، وكذلك لصانعي السياسات للإستفادة والإستدلال منه في رسم الخطط والسياسات الاقتصادية المستقبلية، لافتاً إلى أن محركات النمو الاقتصادي تعد وسيلة لبناء اقتصاد قوي ومزدهر ومستدام، من خلال بناء نموذج تنموي ناجح يعزز تنافسية الاقتصاد، ولطالما كانت التطورات الاقتصادية هي أساس النهضة والإنتقال من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد المنتج والصناعي وما رافقتها من تطور في رأس المال البشري وظهور الثورة الصناعية في القرن الثامن وصولاً للثورة الصناعية الرابعة والتي ظهرت قي وقتنا الحالي.

مشيراً إلى أن هناك العديد من محركات النمو والتي هي محدداته أيضاً والعديد منها تم معرفته من خلال الدراسات وما يزال البحث قائم، ومن المهم أن يبقى الإهتمام من قبل صانعي السياسات على محددات النمو التقليدية كالإستهلاك والإدخار والإستثمار والصادرات، فلا أحد يستطيع إنكار أثارهم كمضاعفات للدخل والناتج المحلي الإجمالي وكذلك أدوات هامة في السياستين المالية والنقدية، ولكن وفي ظل الظروف الراهنة وما فرضته جائحة فايروس كورونا من تغييرات جوهرية في التوجهات العالمية، بات من الضروري الإهتمام كذلك في محددات النمو غير التقليدية، خاصة تلك المتعلقة بالمجالات التقنية والذكاء الإصطناعي والتحول الرقمي.

وبين الطباع أن قنوات النمو الاقتصادي وفقاً لنظريات النمو المعروفة منذ القدم، هي التراكم الرأسمالي والتطور التكنولوجي، والتراكم الرأسمالي نستطيع تعزيزه بالتوجه نحو الاستثمار والإدخار وتعزيز دور النظام المالي في الاقتصاد، وتحقيق التطور المالي كذلك، من خلال إيجاد مؤسسات مالية ذات كفاءة وفعالية خاصة الجهاز المصرفي، وسوق الأوراق المالية، أما القناة الثانية وهي التطور التكنولوجي فتحتاج منا إلى تبني استراتيجية وطنية تُرسي قواعد التحول الرقمي بشكل شامل لنحقق الأهداف المرجوة ألا وهي الوصول إلى اقتصاد مرن قادر على التكيف والتأقلم مع مختلف الصدمات غير المتوقعة.
مؤكداً على أهمية إدراك أن الأردن دولة غير نفطية لا تعتمد على النفط في نمو اقتصادها ولا تمتلك العديد من الموارد مقارنة بدول عديدة أخرى، إلا أنها تمتلك مقومات أخرى عديدة من أهمها الإنفتاح التجاري ورأس المال البشري وفرصة حقيقية لتحقيق عملية التحول الرقمي بالشكل المرغوب به في المستقبل، ولتحقيق ذلك فإن الأمر يتطلب تكاتف الجهود، من خلال إشراك القطاع الخاص والشركات المتوسطة والصغيرة والناشئة، بالإضافة إلى الجهات والأفراد المبتكرين، في جهود مواكبة الثورة المعرفية والتكنولوجية، وتطوير منظومة متكاملة لتشجيع الإبتكار، واستقطاب الموهوبين وأصحاب المشروعات الريادية في جميع المجالات التقنية خاصة في مجال الصناعة المعرفية، وتوجيه مزيد من الإهتمام والموارد إلى مؤسسات البحث العلمي، في المجالات التكنولوجية والذكاء الإصطناعي.

كما وبين الطباع ضرورة تسليط الضوء على آفاق التعافي الاقتصادي في الأردن ومتطلباته لإيجاد الآلية المناسبة للخروج من الأزمة التي سببتها جائحة فايروس كورونا والتي أثرت سلباً على مختلف المؤشرات الاقتصادية، فقد بلغ التراجع في النمو ما نسبته 1.6% في نهاية العام الماضي وهي نسبة غير مسبوقة من قبل، كما إرتفعت المديونية الداخلية بقيمة 1.2 مليار دينار لتبلغ في نهاية عام 2020 ما يقارب 18.9 مليار دينار والأمر نفسه فيما يتعلق بالمديونية الخارجية التي ارتفعت في نفس الفترة بقيمة 1.8 مليار دينار لتبلغ ما يقارب 14.1 مليار دينار، كما وبلغ عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في نفس الفترة -7% وتراجعت الصادرات الكلية بنسبة 4.5% والمستوردات تراجعت بنسبة 11.3% كما وتراجعت تحويلات العاملين من الخارج بنسبة 9.1% خلال عام 2020، إلى جانب مؤشرات أخرى عديدة تأثرت سلباً بالجائحة.

وهو ما يستدعي تكثيف اللقاءات والتشاورات بين القطاع الخاص والعام لمحاولة إيجاد آليات للحد من استمرار مؤشرات الاقتصاد الكلية وكذلك الجزئية من التراجع على هذا النمط غير المسبوق وغير المحمود.

من جهته، تحدث د. عدلي قندح عن تطور هيكل القطاعات الرائدة في النمو الاقتصاد الأردني حسب مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي منذ 1976-2020، مبيناً تحولاً واضحاً في القطاعات التي تقود النموّ في المملكة، كما بين ضرورة دعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة لرفع نسب التمويل، ودعا البنوك إلى الانتقال لمرحلة العمل من خلال تبنيها لسياسات التمويل الأخضر وإدخال مختلف أدوات والتطبيقات المالية الإبداعية لتعزيز الشمول المالي، وتعاونها مع شركات التكنولوجيا المالية.

وأشار د.قندح إلى أن الاقتصاد الأردني يحتاج إلى صدمة تعطي الأمل وتستعيد الحلم، وإلى حالة التباطؤ الطويلة التي ما يزال يعيشها الاقتصاد الأردني منذ عشر سنوات، مؤكداً تفعيل دور الاقتصاد الرقمي كوسيلة للتنمية الاقتصادية، مبيناً أن الاقتصاد الأردني مرهون بعدة عوامل، ومع ذلك فإن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام العشرة المقبلة سيعكس التأثير الإيجابي للانتعاش المحتمل الذي سيبدأ العام 2022 للنهوض من حالة التباطؤ المحلي، والركود الذي يعيشه الاقتصاد العالمي.
كما و شارك في الندوة كل من د. طلال أبو غزالة مؤسس ورئيس مجموعة طلال أبو غزالة العالمية وعضو المنتدى، د. نضال العزام المدير التنفيذي لدائرة الأبحاث في البنك المركزي الأردني، د. محسن أبو عوض رئيس مجموعة الاستثمار والأعمال في البنك العربي الإسلامي الدولي، د. أريج تليلان الخبيرة التنموية ومؤسِّسة مجموعة مشاريع وبرامج تنموية، د.خلدون نصير رئيس المنتدى الاقتصادي والاجتماعي الأردني،

وقدم د. طلال أبو غزالة اقتراحاً بتحويل كتاب د. قندح إلى منهج دراسي في جامعة طلال أبو غزالة واعطاء دورات تدريبية في أكاديمية طلال أبو غزالة ليكون مادة للبحث والابتكار، وشدد على ضرورة الحاجة إلى جيل يبتكر في الاقتصاد وليس جيلا حافظا للكتب، ودعا إلى دراسة الاقتصاد من خلال الابتكار وليس من خلال الحفظ.

وألقى د. نضال العزام الضوء على تطورات الاقتصاد الوطني خلال العقدين الماضيين 2000-2019، إذ أوضح أنها شهدت نمواً ملحوظاً بلغ 6.6 % نتيجة عوامل الإنتاج والعمل ورأس المال التي أدت بدورها إلى زيادة الانفتاح على التجارة الخارجية، والتدفق الكبير في الاستثمار الأجنبي المباشر، بينما شهدت الفترة 2009-2019 نمواً اقتصادياً ضعيفاً وصل إلى 2.6 % بسبب الأزمة المالية العالمية وتداعيات الاضطرابات الأمنية وإجراء العديد من الإصلاحات الهيكيلية.

وتحدث د. محسن أبو عوض عن أهمية وجود تناغم في سياسات الاقتصاد الأردني، والاستثمار الأمثل لرأس المال وتشغيل الموارد البشرية والخروج من التمويل الصغير للقطاعات، من خلال طرح آليات واضحة وتنمية القطاعات المرتبطة بالمحافظات، التي تسهم بفعالية في تنمية الاقتصاد، كما بين نجاح الأردن في استقطاب الاستثمار الأجنبي.
.
وبدورها رأت د. أريج تليلان الخبيرة التنموية أن مفهوم التنمية يشمل مناحي وأدوار الحياة كافة، ومن أبرز الأدوار التي يجب العمل عليها لتحقيق التقدم هي التنمية الاقتصادية عن طريق تفعيل دور المرأة وتمكينها في الاقتصاد الأردني. ودعا د. خلدون نصير الى ضرورة تفعيل مجالس المحافظات، والنظر في دور سوق الأوراق المالية لتحديث تشريعاته، وبين دور البنك المركزي في توضيح مفهوم الاشتمال المالي، وأهمية العمل لإيجاد الاقتصاد الرقمي والبدء في مرحلة التطبيق.

بينما أشار د. محمد أبو حمّور إلى أن الأردن يواجه اليوم العديد من التحديات الاقتصادية بفعل الظروف الناجمة عن تفشي جائحة كورونا، وأن التعافي من هذه التداعيات يحتاج حسب تقدير عدد من الدراسات إلى عامين على الأقل ما لم تطرأ مستجدات وبائية تطيل هذا الوقت، وأكد ضرورة التركيز على التدابير المتعلقة بتعزيز الإنتاجية والحد من انعدام الأمان الاقتصادي من خلال الاستثمارات.