“الطباع “الحكومة تختبيء وراء صندوق “همة وطن”

“الطباع “الحكومة تختبيء وراء صندوق “همة وطن”

– ‘همة وطن’ لم يتبق في رصيده سوى 18 مليون
دينار، وليس من السهولة جمع التبرعات 

– استجابة  الحكومة بطيئة جداً بخصوص المغتربين

– بعض الممارسات السلبية والخلل في أداء قوانين الضريبة انعكس سلبياً
على الاستثمار

– لايوجد لدى الحكومة فريق لعمل سياسة اقتصادية طويلة الأمد

– الأردن اذا عاد للإغلاق سندفع ثمنا غاليا

– الحكومة تتعامل مع ملف التهرب الضريبي على شكل موجات وهبَات دون
استمرارية

– جمعية رجال الأعمال رفعت توصيات لم يتفاعل معها سوى الديوان الملكي

شخصية اقتصادية ورجل أعمال معروف ارتبط اسمه منذ أكثر من 35 عام بجمعية رجال
الأردنيين وتقلد العديد من المناصب المرتبطة بالعمل الاقتصادي والتجاري، و
يشغل منصب رئيس ‘اتحاد رجال الأعمال العرب’. 
معالي  حمدي الطباع أو كما يحب أن يلقب بالحاج الطباع ، عرف عنه
مواجهته لبعض القرارات الاقتصادية التي تصدرها أي الحكومة باعتبارها تؤثر على
الشراكة مع القطاع الخاص ولا تعطي النتائج المرجوة منها، كما أنه يصف عمل الحكومة
الحالية بالبطيئة والمتعنتة وليس لديها الاستجابة الفورية والسياسة الاقتصادية
الناجحة.


قدم الطباع ومعه أعضاء من جمعية رجال الأعمال الأردنيين التي يرأسها من مختلف
القطاعات توصيات لإنعاش الاقتصاد الأردني في ظل انعكاس أثر جائحة كورونا واعتبر
بأن الحكومة والفريق الوزاري غير منسجم مع نفسه.


برز اسم الحاج الطباع خلال أزمة كورونا بسبب تعليقاته على بعض أوامر الدفاع التي
لم تأخذ بعين الإعتبار التأثيرات السلبية لتخفيض الرواتب على الاقتصاد
الوطني، من إنخفاض في القدرة الشرائية للمواطنين وتراجع في الطلب الإستهلاكي حتى
على السلع الأساسية إلى جانب إغفال حقيقة أن العديد من فئات المجتمع عليها قروض
وإلتزامات عديدة من رسوم وغرامات وعبء ضريبي يجب أن تستوفى مما سينتج عنه
حالة من عدم التوازن بين الدخل والإستهلاك والإنفاق وهذا الأمر لن يصب في مصلحة
تنشيط الاقتصاد الوطني.

 

الشاهد
زارت معالي الحاج حمدي الطباع في مكتبه وكان لها هذا الحوار.


معالي الحاج حمدي الطباع، بعد سنوات طويلة من العمل والانجاز، وتحقيق
الأهداف، كيف تقضي وقتك خلال هذه الأيام؟


أنا الآن أركز على الاهتمام بالعمل الخيري والتطوعي، الحمدلله، ، وأنا عضو في أكثر
من جمعية تطوعية في مختلف المجالات، منها الرعاية الصحية، وجمعية الدراسات والبحوث
الاسلامية وجمعية الصندوق الوطني لعلاج الفقراء ووقفية التعليم، وهذه الأعمال
التطوعية تعطي الإنسان متعة ويشعر من خلالها أنه يخدم وطنه ومجتمعه بطريقة مختلفة
بعيداً عن الأمور المالية، وأنا لست متقاعدا بمعنى المتقاعد، ولكنني أرى أنه من
واجبي تجاه وطني بأن نقدم شيء لإخواني المواطنين وخاصة أن الظروف صعبة وزادها
صعوبة أزمة كورونا، وعلى رغم من محدودية مصادر الجمعيات التطوعية إلا أن أهل الخير
في الأردن موجودين.


الأردن تقدم في مؤشرات تقرير ممارسة الأعمال لعام 2020، ماذا يعني
هذا بالنسبة للمستقبل الاقتصادي للمملكة؟


هذه المؤشرات الايجابية تجعل المسؤول يرتاح، لكن هل تؤثر هذه المؤشرات ايجابيا على
حياة المواطن، يعني إذا تقدم الأردن في مؤشر الأعمال درجة أو درجتين سيكون شيء جيد
بالنسبة للمسؤولين عند مخاطبة الجهات المانحة، ولكن هل سيشعر المواطن الأردني بهذه
الميزات؟ وهذا السؤال لا أملك اجابته لإن الجواب لدى الحكومة، فالمواطن الأردني لا
يستطيع أن يتحمل أكثر مما تحمل، فأنا أرى أن التقدم في ممارسة الأعمال جيد لكنه
يحتاج إلى عمل أهم، ونحن بحاجة إلى التعاون بين القطاعين العام والخاص حتى يكون
للمواطن الأردني حياة أفضل وأسهل، خاصة وأن البطالة بارتفاع، وهي تزعج أيضاً صاحب
القرار.

 


الحاج حمدي الطباع من أعضاء اللجنة المشكلة بموجب قانون الدفاع
لإدارة حساب القطاع الخاص لصندوق ‘همة وطن’، هل كانت التبرعات على حجم الأمل منها،
وما هو دوركم وخططكم بخصوص الصندوق، وهل سيستمر الصندوق في تلقي التبرعات؟


تم تشكيل لجنة همة وطن بموجب أمر دفاع صادر عن دولة رئيس الوزراء وبتنسيب من محافظ
البنك المركزي تضمنت أسماء شخصيات جميعها من رجال الأعمال في مختلف مواقعهم، وفكرة
الصندوق ممتازة لكن كان لي أنا وبعض الزملاء رأي مختلف بخصوص الحد الأدنى للتبرع،
فأمر الدفاع أصر للأسف على أن لا يقبل التبرع بأقل من مئة ألف دينار من المؤسسة أو
الفرد، وحاولنا مع رئيس اللجنة دولة عبدالكريم الكباريتي لفتح التبرع كل حسب
امكانياته، إلا أننا لم نوفق في تخفيض أو فتح المجال للتبرع للجميع، وأنا لغاية
الان لا أفهم سبب التعنت في عدم قبول مبلغ اقل من 100 ألف دينار للتبرع من
المؤسسات والأفراد، أما الإدعاء بوجود لجان أخرى مثل لجنة الصحة ولجنة الخير تقبل
مبالغ غير محددة فاعتبره  كلام غير مقنع، والناس كانوا متحمسون للتبرع لهمة
وطن لكن تحديد القيمة الدنيا للتبرع بمبلغ كبير خفف من حماس الناس.
معظم المتبرعين البارزين هم من البنوك والشركات المساهمة المحدودة وبعض الأفراد
القادرين، وقد وصل مجموع التبرعات للصندوق حوالي 93 مليون دينار أردني.


اللجنة معنية بجمع التبرعات لكنها غير مخولة وليس لها صلاحيات بالصرف، فالصرف من
مبالغ التبرع يكون بموجب كتاب رسمي من دولة رئيس الوزراء، وقد تم توجيه مبلغ 27
مليون دينار لصالح صندوق المعونة الوطنية مرتان تقريبا، كما طلبت مؤسسة تكية أم
علي مبلغ مليون دينار وحصلت على الموافقة، وهناك جهات ومؤسسات طلبت مبالغ مالية
لكن لم يتم بعد البت بخصوص الموافقة بسبب تدقيق الكشوفات أو نقص البيانات.
التبرعات الآن قليلة لأن البنوك والشركات المساهمة العامة عندما قامت بالتبرع كان
بسبب وفر متحقق في موازنة السنوات السابقة.

 

منذ
عشرة أيام تقريبا اجتمعت لجنة ‘همة وطن’ لمناقشة موضوع المغتربين، وهي مشكلة معقدة
بسبب الاختلاف في وجهات النظر، وقبل شهرين وجه دولة رئيس الوزراء كتاباً لمعالي
وزير الخارجية وشؤون المغتربين يطلب خلاله حصر أسماء المغتربين الذين يعانون أوضاع
صعبة حتى يتم مساعدتهم من الحكومة أو من لجنة الصندوق، لكن للأسف لغاية الآن لم
يردنا أي رد كلجنة، ووضع المغتربين أصبح صعب، لذلك نحن كلجنة لدينا مشكلة لتحديد أسس
الصرف بسبب عدم وجود قوائم واضحة للمغتربين وأوضاعهم لدى الحكومة.
وهناك مغتربون ‘قبل كورونا’ كانوا يقومون بتحويل من 2 إلى 3 مليار دولار إلى
الأردن، لذلك من واجب الدولة أن تقف معهم بمحنتهم وتتحملهم خصوصاً وأن هناك من فقد
وظيفته وعمله.

 

وأنا
أقول أن الحكومة تختبيء وراء صندوق همة وطن، واستجابتها جداً بطيئة، فهناك مغتربون
وضعهم أصبح صعب جداً، وأنا أتمنى من الحكومة أخذ قرار سريع فلا وقت لدراسات،
فالسفراء موجودون وأعتقد أنهم قاموا بتزويد الحكومة بالأرقام واسماء المغتربين
مستحقي الدعم.


تم تخصيص مبلغ مليون دينار من الصندوق بناء على أمر من دولة رئيس الوزراء
لملف المغتربين لكن وزارة الخارجية لم تنفق منه سوى مائتين ألف دينار فقط، بسبب
البطء في الاجراءات، فمطلوب من الوزارة أن يكون لديها غرفة عمليات كفؤة تتواصل مع
السفراء بسبب ازدياد صعوبة وضع المغتربين خصوصا العالقين في دول الخليج.


وصندوق همة وطن لم يتبق في رصيده سوى 18 مليون دينار، وهذا المبلغ بقرار واحد
ينتهي، وليس من السهولة جمع مبالغ كبيرة للصندوق مستقبلاً.

هل ترى الحكومة جادة في الحد من التهرب الضريبي، وماهو الثمن الذي
دفعه الأردن على مدى السنوات التي كانت تشهد تهربا ضريبيا واختلالا في تطبيق قانون
الضريبة؟


التهرب الضريبي وجه بشع في حق الاقتصاد الأردني، ونحن نلوم قوانين الضريبة ومجلس
الأمه بشقيه النواب والأعيان لأنهم رفضوا الاستماع إلى توصيات القطاع الخاص.


أحد أسباب الخلل في قانون الضريبة هو التهرب، فالمواطن الذي يدفع ضريبة دون خدمة
مقابلها فهو في هذه الحالة يشكك بدفع الضريبة وبالتالي يتهرب من الدفع، كما أن
الحكومة ليس لديها القدرة على توصيل الرسائل فيما يتعلق بالفرق بين ضريبة المبيعات
وضريبة الدخل، وهناك تهرب أيضاً في الجمارك فالخطأ في المنظومة والقانون والممارسات.


كما أن موظفي ضريبة الدخل ليسوا بنفس الكفاءة، فمثلاً الدخول إلى بعض المؤسسات
بطريقة غير مدنية كأننا دولة بوليسية هذا غير مقبول وغير حضاري، فهناك ممارسات
أفضل من هذا لتحصيل الضريبة أو التحقيق في قضية تهرب خصوصاً ونحن نقترب من
الاحتفال بمئوية تأسيس الأردن، كما أن تلك الممارسات والخلل في الأداء ينعكس
سلبياً على مناخ الاستثمار.


حتى أن الحكومة تتعامل مع ملف التهرب الضريبي على شكل موجات وهبات دون
استمرارية، و لأرقام المتحصلة من الضريبة لا تستحق أن تضعنا في اجواء
مشحونة وسلبية.

 


في ظل تسجيل اصابات محلية جديدة بفيروس كورونا، والحديث عن عودة
الحظر والإغلاقات، هل أنت تدعم فكرة اتخاذ اجراءات الإغلاق في حال لزم الأمر لا
قدر الله؟

 

القطاع
الاقتصادي كان ضحية لهذه الاجراءات، أنا مع صحة المواطن، لكن أين الفريق الاقتصادي
في الأردن، فنحن منذ بداية الأزمة منتصف شهر آذار لغاية الآن لم نلحظ وجود فريق
لعمل سياسة اقتصادية، فليس مطلوب من وزير مسؤول عن الاقتصاد أن يخرج ليدلي بتصريح
حول الإغلاقات في المنشآت الاقتصادية والتجارية المخالفة لأمر الدفاع، فهذا العمل
يستطيع القيام به اي موظف في الوزارة ، وهذه ليست سياسة اقتصادية.
صحيح أن الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي خلال الأشهر الثلاث الأولى من الأزمة
ساهمت في التخفيف على الناس، لكن الاقتصاد لا يتحمل الإغلاق، فنحن قبل الكورونا
دخلنا سنة 2020 باقتصاد وضعه صعب، كان هناك تباطوء في النمو، هناك بطالة، ومديونية
عالية، وجاءت بعد ذلك الكورونا، ودخلنا في نفق مظلم، صحيح أننا نجحنا صحياً لكن
إلى متى؟

 

كل
الدول اتخذت اجرءات الإغلاق لكن الأردن اذا عاد للإغلاق سيدفع ثمن غالي خاصة وأن
المنطقة اليوم غير مستقرة، وكل دول العالم لها أولوياتها وتنظر إلى مواطنيها قبل
الالتفات إلى مساعدة دول أخرى، فإذا ما أعتمدنا على انفسنا ووضعنا سياسة اقتصادية
واضحة المعالم ومتفق عليها مع القطاع الخاص فأعتقد أن الأشهر القادمة من العام
الحالي صعبة علينا، ولا يمكن للقطاع الخاص أن يعوض خسائره خلال الأشهر القادمة .


ماهو دور جمعية رجال الأعمال الأردنيين في بناء ودعم قطاع
الاستثمارات وماهي التحديات التي تواجه الجمعية؟


الفضل في تأسيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين يعود للمغفور له بإذن الله الملك
حسين رحمه الله، عام 1985م، ومنذ تلك الفترة وعلى مدار 35 عام استطاعت الجمعية
وبرعاية خاصة من الدولة (ولا أقول الحكومة) من جذب الاستثمارات، وتنظيم لقاءات
برجال أعمال من عدة دول جاءت بنتائج ايجابية والحمدلله. وإستمرت في المشاركة في
لقاءات جلالة الملك عبد الله الثاني وفي تنظيم لقاءات استثمارية خارج الأردن.

والآن لدينا 30 مجلس أعمال مشترك من مختلف الدول العربية والصديقة، كما أن لدى
الجمعية ميزة تتمثل بأن أعضائها يمثلون معظم القطاعت الاقتصادية، لذلك تم عقد
اجتماع للأعضاء من 12 قطاع اقتصادي وقدموا توصياتهم بخصوص التعامل مع الوضع
الاقتصادي في ظل جائحة كورونا، وقد رفع تلك التوصيات إلى عدة مستويات منها الديوان
الملكي، ودولة رئيس الوزراء، والوزراء المعنيين، إلا أنه لم يردنا أي رد أو جواب
سوى من الديوان الملكي الهاشمي، أما الوزراء والحكومة فكأنهم يعيشون في عالم آخر.


انت ضد فكرة هدم الصوامع ،وتم تداول خبر وقتها بأنك ستقوم برفع دعوى
ضد من أمر بهدم الصوامع ،حدثنا عن ذلك

 

الصوامع
لها تاريخ في الأردن، فالأردن لم يكن لديه صوامع للتخزين الاستراتيجي لمواد مثل
السكر والقمح والشعير، وأذكر أن المغفور له جلالة الملك حسين اطلع على التجربة
السورية في تخزين المواد داخل الصوامع، وأمر ببناء صوامع ذات مستوى فني عالي وكانت
الآلات المشغلة تأتي من سويسرا،فكان يحمل قيمة عالية  وتم تشييده من
الضرائب التي يدفعها الناس، فلا أعتقد أن مبررات الهدم مقنعة سواء لعمل
مشروع جديد أو لغيره.


وقد كان التعامل مع هدم الصوامع وكأنها أهداف عسكرية عندما تفجرت على عدة مراحل
بسبب فشل المرة الأولى،فاعتبر قرار هدم الصوامع غير سليم، وأنا كأردني لدي الرغبة
برفع دعوى ضد من أوصى بهدم تلك الصوامع، لأنها جريمة بحق المخزون الاستراتيجي.
والصوامع المثيلة موجودة في الجويدة وشمال الأردن بنفس المواصفات مما يدل على أن
هدم الصوامع في العقبة لم يكن عملاً إيجابياً.