قال وزير العدل السابق العين الدكتور بسام التلهوني ان الوساطة تعتبر المستقبل وبديلا فاعلا لحل المنازعات بعيدا عن اروقة المحاكم.
واكد التلهوني خلال جلسة نقاشية حول قانون تسوية المنازعات المدنية نظمتها جمعية رجال الاعمال الاردنيين مساء اول من امس ان الوساطة تعمل على اقامة علاقة طيبة بين الاطراف المتخاصمين وتضمن ايجاد حلولا مبتكرة وقابلة للتطبيق بشكل فاعل وسريعة.
وبين اهمية تفعيل دور الوساطة من خلال تشجيع التجار على النص على الوساطة في عقودهم واتفاقياتهم ونشر الوعي بأهمية الوساطة اضافة الى وضع إطار واضح لإجراءات الوساطة.
واشار الى ضرورة العمل على إنشاء مركز الوساطة بعد صدور القانون ومساعدة الجهاز القضائي في إنجاح الوساطة كبديل عن اللجوء إلى المحاكم وذلك من اجل تفعيل دور الوساطة.
وبحسب التلهوني تعرف الوساطة على انها احدى الوسائل البديلة لحل المنازعات وتمتاز بأنها سهلة وتساعد على تقريب وجهات النظر وسريعة اضافة الى أن من يقوم بها وسطاء مختصون.
وعرض التلهوني خلال الجلسة الفروقات بين الوساطة والتحكيم اذ الحــكم الصادر عن الوساطة ليس ملـزماً لأطــراف النــزاع وان الوسيط مطالب بتقريب وجهات النظر والوصول الى تسوية اضافة الى ان الدخول في الوساطة لايعد تنازلا عن الحق في اللجوء للقضاء.
وفيما يتعلق بالتحكيم، اوضح ان المحكّم مطالب بــحسم النزاع بحكم قــطعـي وان الحكــم الصـادر عــن هـــيئــة التــحــكيم مُــلزِم لأطراف النزاع اضافة الى ان اللجوء للتحكيم يُـعَـد تـنازلاً عن اللـجوء إلى القضاء. واوضح التلهوني ان فعالية الوساطة بالمملكة لا تتجاوز 3 % في حين ان الفاعلية في الولايات المتحدة الاميركية تصل الى 90 % مشيرا الى أن الامور التي تنجح فيها الوساطة تكمن في قضايا عدة اهمها القضايا العمالية وتعويضات التأمين والمالكين والمتسأجرين اضافة الى قضايا العلامات التجارية والمنافسة غير المشروعة.
واشار الى وجود قــانون نافذ للوسـاطة لتـســوية الـمـنازعـات الـمدنية رقــم (12) لـسنــة 2006 يتضمن العديد من النقاط اهمها انه في حال فشل الوساطة بسبب عدم حضور أي من الأطراف يستطيع الوسيط التغريم بمبلغ 100 إلى 500 دينار في الدعاوى الصلحيّة، ومــن 250 إلى 1000 دينــار في الدعاوى البــدائية.
كما يتضمن القانون الحالي ان إجراءات الوساطة سريّة ولا يجوز الاحتجاج بها أو بما يتم فيها من تنازلات اضافة الى تسويّة النزاع كلياً بالوساطة القضائية، ويُسمَح باسترداد نصف الرسوم وان دوائر الوساطة مقتصرة على محاكم البداية فقط دون الاستئناف.
ولفت الى وجود مـــــشــــــروع قــــانـــون الــــوســــاطـــة لتــســـويــة الـــمــنـــازعــــات الــــمدنـــيَّـــة ويتضمن إنشاء مركز للوساطة وإدراج الوسطاء ضمن قائمة المركز وتـحــديد مــهــام الـمــركـز وقواعده الإجرائية بنظام ومدة الوساطة اضافة الى مدى حجيّة اتفاقية الوساطة.
كما يتضمن مشروع قانون الوساطة تعريفا للأشخاص المُناط بهم تطبيق القانون وتحديد لمهامهم وإمكانية الوساطة في مرحلتي التقاضي في البداية والاستئناف اضافة الى أنشاء القانون المركز الأردني للوساطة لخدمة قطاع الأعمال ووجود نص يسمح بالاتفاق بين الأطراف على إحالة أي نزاع بينهم إلى المركز لحله وإمكانية استرداد كامل رسوم الدعوى والطلبات في حال التوصـل إلى اتفــاق قــبل تقديـم البينات وإلاَّ فيتم استرداد نصف الرسوم.
وعرض التلهوني خلال الجلسة خدمات تطبيق الهواتف الذكية والالكترونية التي تقدمها وزارة العدل والمحاكم للمواطنين.
من جانب اخر قال رئيس الجمعية حمدي الطباع إن الوساطة هي اسلوب متقدم من أساليب الحلول البديلة عن التوجه للقضاء لفض النزاعات المدنية والتجارية والاستثمارية التي تبناها الأردن انسجاما مع توجهات استراتيجية تطوير القضاء الأردني.
واشار الى أن الوساطة أسلوب حضاري وراقٍ لحل المنازعات بصورة ودية عن طريق التراضي والتوفيق بين الخصوم بعيدا عن الحزم والإجبار، بإجراءات أكثر مرونة بهدف أن يتفرغ الناس لرعاية مصالحهم وتوفير الوقت والجهد والمال وتفرغ الجميع لبناء المجتمع.
واوضح الطباع ان الوساطة والتحكيم هما من الوسائل البديلة لحل المنازعات التي أصبحت تفرض نفسها في المشهد القضائي الأردني نظراً لاستجابتها لمتطلبات العصر وتماشيها مع انفتاح الاقتصاد الوطني على الاقتصاد الدولي وما رافقه من تحولات هيكلية وقانونية في التجارة والاستثمار من اجل ضمان استقرار المعاملات والأمان القضائي.
واكد ان التجارب اثبتت أن ما يحققه التحكيم والوسائل الودية لتسوية المنازعات يحقق عدالة ناجزة ويخرج بحلول إبداعية وخلاقة وبأقل تكلفة، إضافة إلى ما تكفله الوسائل الودية من حفاظ على سرية المهنة وعلى استمرارية العلاقات بين أطراف المنازعات.
ولفت الى ان أصحاب تسوية المنازعات المدنية ولا سيما التجارية والاستثمارية شخصيات محايدة متمرسة ومن ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة، يقومون بتوظيف مهاراتهم المتراكمة والمستحدثة في إدارة المفاوضات والتسويات بين المتخاصمين، والتمتع بالقدرة الفائقة في فن صياغة أحكام التسوية وخلاصتها.
واكد ضرورة ان تواكب هذه الشخصيات التطورات المحلية والعالمية في تشريعات التحكيم سواء على مستوى الأمم المتحدة أو غرفة التجارة الدولية، فتعقيدات التجارة والاستثمار تزداد يوماً بعد يوم.
وشدد رئيس الجمعية على ضرورة ان يطور المشرع ويحدّث تشريعات الوساطة والتحكيم لترقى إلى مستوى العالمية في هذا المضمار، إضافة إلى رفع سوية الجهاز القضائي والقضاة ذوي العلاقة بالوساطة والتحكيم.
وقال الطباع اننا اليوم بحاجة ماسة إلى نشر ثقافة التحكيم والوساطة في تسوية المنازعات المدنية وتعميم فضائلها وإيجابياتها، وتشجيع اللجوء إليها بما يخفف أعباء الأجهزة القضائية ويوفر المال العام بالاضافة لإعداد المحكمين والوسطاء وتزويدهم بالمهارات الفنية التفاوضية والقدرات التحكيمية واللغات الأجنبية.
وطالب المشرع بإصدار التراخيص القانونية للمحكمين ومراكز وهيئات التحكيم وضرورة توفر الخبرات العلمية والعملية الكافية لدى القائمين عليها، وضرورة مأسسة مهنة التحكيم والوساطة ضمن ضوابط قانونية ونظم تحفظ لها مكانتها وتجعل من نتائجها قوة القانون وأحكام القضاء.